للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مزية الفرضِ وتأكدُه على الواجب.

ومن ذلكَ: أن قالوا: إن اختلافَ طُرقِ العبادةِ لا يُعطي تَميزاً واختلافاً، ألا ترى أنَ النوافلَ التي تفعلُ ابتداءً مع المسنوناتِ الراتبةِ التي وردت في السننِ والمسانيد يجمعهما اسمُ النَفل، ولا يمتاز بعضها (١) على بعضٍ بقوَّةِ الطرق واشتهارها، كذلك الواجباتُ، إذا امتازَ منها شيء بقوّة الطريقِ لا يمتاز بالفوة واسمِ الفرض.

فصل

يجمعُ أسئلتَهم على حججِنا

فمنها: أنَ الدعوى لتساويهما لا تُسَلَّم، فإن الواضعَ للغةِ جعلَ الوجوبَ اسماً للسقوطِ، والفرضَ اسما للتأثير، ومن ذلكَ سُمَّيت فرضةُ النهر والقوس: فرضةً لمكانِ الأثر، والتأثيرُ آكد من الوجوب، فيجبُ أن يُعطى الاسم حقَه من التأكيد.

ومن ذلك: قولُهم: إنَّ تَساوي الفرضِ والوجوبِ في العقابِ على التركِ لا يمنع تمييز [الطريق التي ثبت بها الفرض عن الطريق التي ثبت بها الواجب، فثبوت الفَرضِ بطريقٍ مقطوعٍ به، والمكذبُ للطريق] (٢) القطعيِ يَكفُر، والمكذبُ [للطريق الظني] (٢) يفسق. فهذه ميزة حكمية، تشبه الميزةَ التي تعلقتم بها من مضاعفةِ العقوبةِ في الدنيا، والوعيدِ في الأُخرى.

ومن ذلكَ: أن إلزامكم لنا المنهيّات، وأنها ما تأكَّدت بحكمِ تَأكُد طَريقها، لا نُسلِّمه، فإنَّ أحمد قال في المتُعة: لا أقولُ إنها حرام (٣). وقال في الجمعِ بين المملوكتين:


(١) تحرفت في الأصل إلى: "بعض".
(٢) هنا طمسٌ في الأصل، وما بين المعقوفتين من اجتهادنا وفهمنا للسياق.
(٣) هذه روايةُ أى بكرِ المروذى عن أحمد، لأنَ ابن منصور سالَ أحمدَ عنها فقال: يجتنبها أحب إليَّ. قال- أي أبوبكر المروذي-: فَظاهرُ هذا الكراهةُ، دون التحريم. وهذا فهم له غير صحيح، وغيرُ أبي بكرٍ من الحنابلةِ يمنعُ هذا، ويحكمُ ببطلانِ نكاحِ المتعةِ، وهو القول الصحيح المقرَّرُ عند عامةِ الصحابةِ والفقهاءِ، انظر "المغني" ١٠/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>