للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال السائلُ: ما الدليلُ على أن الجزء [لا] (١) يتجزَّأُ أبداً، فقال المجيبُ: إن الدوائرَ المعقولةَ لا تَصِحُ على القول بالجزء. لكان جوابُه محدَّداً؛ لأنه على شبهةٍ، وكلُّ جواب محدَّدٍ في: ما الدليلُ على كذا؟ فإنه لا يخلو من أن يكونَ على حجَّةٍ أو شبهةٍ؛ لأن السائلَ إنما يطلبُ الأمرينِ ليقعَ الكلامُ عليه، ولو قال: بعضُ الأشكال لا تصحُّ على القول بالجزءِ. لم يكنْ محدداً؛ لأنه لا حُجَّةَ فيه ولا شبهةَ.

فإن قال السائلُ: ما الدليلُ على أن الجسمَ ينتهي إلى جزءٍ لا يتجزَّأُ؟ فقال المجيبُ: إن التَّأليفَ الذي فيه يصحُ أن ينتفيَ بضِدِّه من الافتراق، ولأن القادرَ على إيجاده قادرٌ على نفيه؛ إذ هو مُحدَثٌ، وكل محدَثٍ، فلا بُدَّ له من محدِثٍ. كان جوابُه غيرَ محدَّدٍ من قِبَلِ أنَه قد لَف عِدَةَ مراتبَ في مَرْتَبَةٍ واحدةٍ، ولو قال: إن التأليفَ الذي فيه يصحُّ أن ينتفيَ بضِدِّه من الافتراقِ. لكانَ جوابُه محدَّداً؛ لأنه إذا ثبتَ هذا المعنى ثبتَ الحكمُ، ولو نَقَصْتَ منه لأخْلَلْتَ به.

فصل آخَرُ

في تحقيقِ الجوابِ وتحديدهِ يَقْوى به العملُ والعلمُ

فأوَّلُ ضروبِ الجوابِ: الإِخبارُ عن ماهية المذهب، ثم الإِخبارُ عن ماهيَّةِ بُرْهانِه، ثم وجهُ دَلالةِ البرهانِ عليه، ثم إجَراءُ العِلةِ في المعلول، وحياطتُه من الزِّيادةِ فيه والنقصانِ منه، لئلَّا يُلحقَ به ما ليس منه، وُيخرجَ عنه ما هو منه.


(١) سقطت من الأصل، وضرورة صحة العبارة تقتضي زيادتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>