مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٣ - ٥]، وقال: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: ٣ - ٤] وإِذا كان كذلك، جازَ أَنْ يَحْرِمَه فضيلةَ الاجتهادِ وإن كان فيها نَوْعُ ثوابٍ؛ لدَفع التُّهْمةِ، وتخصيصُه بسُلوكِ الاتِّباع لمُجرَّدِ الوَحْى، كما قال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣ - ٤]، ووَصَفَه في التَّوراةِ: بأَنَّه (١) لايقولُ عنِ اللهِ إِلا ما قِيلَ له، وسِيرتُه كانت انْتِظارَ الوَحْى، حتى إِنَّه كان يُنْسَبُ إِلى الانقطاع؛ لِشدَّةِ انتظارِه للوحى في جوابِ ما يُسأَلُ عنه، وذلك مشهورٌ في السِّيَرِ.
ومنها، أَن قالوا: إِنَّ الاجتهادَ عُرْضةُ الخطأ، فلأَن يُصانَ عنه، ويُخَص بطريقةِ الوَحْى خاصَّةً التي لايجوزُ عليها الخطأُ، أَولى.
ومنها: أَن قالوا: إِنَّما جازَ النَّظَرُ مشروطاً بعَدَمِ النَّصِّ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لايَتحقَّقُ في حقِّه هذا الشَّرْطُ، لأَنَّ النَّصَّ يَأنتِيهِ، والوَحْيَ يَنْزِلُ عليه أَحياناً بما يَشْرَعُ له، فإِذا لم تَتحقَّقْ شريطةُ الاجتهادِ، فارق أُمَّتَه في ذلك، فلم يَجُزْ له الاحتهادُ لعَدَمِ شَرْطِه، وهو تَعذُّرُ الوحى.
فصل
في الأَجوبةِ عن أَسئلَتهم
أَمَّا الأَوَّل، وأَنَّ ذلك يُورِثُ تُهْمةً في حَقِّه، ويُطَرِّقُ عليه المُراجعةَ، فحَرَمَه لهذه الفضيلةِ لأَجلِ هذه التُّهمةِ والمَنْقَصَةِ، كما حَرَمَه فضيلةَ