حُكم العرفِ، ووقوعُه على الشروعِ فيما أمِرَ به، لا أنه فراغ عما أمر به، ولهذا لو أمره بتكرارِ ذلكَ لم يقبح منه أن يقولَ في الفعلةِ الواحدةِ.
وأمَّا اليمينُ والطلاقُ، فإن الأيمانَ والوكالةَ ينصرفُ إطلاقُها إلى العُرفِ، والأمرُ ينطلقُ على الحقائقِ، ولذلكَ ينصرفُ اليمينُ على الامتناعِ من أكلِ الرؤوسِ إلى رؤوسِ بهيمةِ الأنعام خاصة، وفي الأمرِ تعم سائر الرؤوسِ، والوكالةُ في الطلاق تنصرفُ إلى الطلاقِ السُنّي دونَ البِدعي، لأنها نيابة في مشروع، والنيابة في المشروعِ مقيدة بالشرع، غيرُ مطْلقة، ولهذا لا يملكُ بالنيابةِ طلاقَها في الحيض، ولا في الطهرِ المجامَعِ فيه، ولو استنابه في بيعِ دراهمَ بدنانير، أو مكيلٍ بمكيلٍ، أو موزونٍ بموزونٍ، اقتضى التناقضَ في المجلسِ بناءً على الشرطِ الشرعيّ.
وفي مسألتنا: أنَ استدعاءَ الأمورِ العُرفيةِ، مثلُ القيامِ والقعودِ والدخولِ والخروجِ، أقتضاء الإتيان بذلك، ولم يجز الخروجُ منه إلا بإذن، وإن استدعاء العباداتِ والأمورِ الشرعيةِ، فعرفُها الدوامُ، لأن كثر أوامر الشرع على الدوام.
واستدل بعضهم قي النظرِ: بأنَّ أهلَ اللغةِ أجمعوا على تسميةِ المصلي صلاةً واحدةً، والصائمِ يوماً واحداً، عقِبَ الأمرِ المطلقِ بالصلاةِ [والصوم]: مطيعاً، ولو لم يكُ قد أتى بمقتضى الأمر لم يخلعوا عليه اسمَ مطيع.
فقال: هذا موجود فيه إذا قيده بالدوام، فإنه يسمى مطيعاً بذلكَ وكان المعنى فيه أنه لما شرعَ في الفعلَ المأمورِ به سُميَ باسمِ