للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمْرَ الله، لكن بتقيد لا بإطلاقٍ، لأن الإطلاقَ يُوهم الاعلى، وهو الوجوبُ، وهو هاهنا محطوط عن رتبةِ الوجوب، فلا بُدٌّ من تقييدٍ في النفي، فيقالُ: قد خالف أمر الله في السنن أَو النوافل، كما لا بُد من تقييدٍ في الِإثبات، فنقول: أمرُ ندب، لئلا يوهمَ إطلاقهُ الإيجابَ.

فصل

صيغةُ الأمرِ إذا ورَدَتَ بعد الحظر، كانت إطلاقاً وإذناً وإباحةً، ولا تكون على مقتضى إطلاقِها، وأخذَ أصَحابُنا ذلك من كلام أحمدَ (١) -رضي الله عنه- من آيات قامتِ الدلالةُ على أنها للإِطلاقِ، مثل قولهِ سبحانه: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: ١٠]، وذلك لا يُعطي عندي مذهباً في مسألتنا؛ لأنَّ المختلفين في هذه المسألةِ، مجمعون على أنَّ هذه الآياتِ للإِباحةِ، والِإطلاقِ بحسب دلالةِ الِإجماع، وانما ذهبَ أصحابُنا إليها لدلالةٍ نذكرها، وذهبَ إلى هذا المذهب الواضعُ لأصولِ الفقهِ من الفقهاءِ، وهو الشافعي رحمة الله عليه، فظاهرُ مذهبِه أنها للإباحةِ.

واختلفَ أصحابُه على وجهين (٢): أحدُهما: مثل هذا، والثاني: أنها على الموضوعِ الأصلي من الإيجابِ.

وذهبَ أكثرُ الفقهاءِ (٣) أنها على حُكم أصلهِا، على اختلافِهم فيما


(١) انظر: "العدة" ١/ ٢٥٦.
(٢) انظر: "التبصرة" ص (٣٨)
(٣) انظر: "البرهان" ١/ ١٦٣ - ١٦٥، و"المنخول" ١٣١، و"الإحكام" ٢/ ٢٦٥ - ١٦١، و"نهاية السول" ٢/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>