للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

في دلائلنا

فمنها: أنَّ الصُّحبةَ اسمٌ مشتقٌّ من قولِ القائلِ: صَحِبَهُ، يَصْحَبُهُ، صُحْبَةً، وذلك يعمُّ القليلَ والكثيرَ، والناقلَ للعلم وغيرَ النَّاقلِ.

تقول: الرجلُ صاحبنا في السَّفينةِ وصاحبي في السَّفرِ، فهو كقولك: مكلِّمي، ومحادثي، وزائري، وصاحَبَني، وصَاحَبَ فلانًا ساعةً ويوماً، ولو اقتضَتِ الإطالة لما صحَّ قولُه: صاحَبْتُهُ ساعةً.

ولو حلفَ: لا صَحِبتُكَ، ولا صَحِبْتَني لا سفري، حَنَثَ بأيسرِ متابعةٍ يتبعُهُ فيها.

ومنها؛ أنَّ أخص الصُّحبةِ في حقِّ الأنبياءِ عليهم السَّلام هي المتابعةُ لهم، والتصديقُ لِماَ جاؤُوا به، وقد وُجِدَ ذلك ممَّن آمنَ برسولِ اللهِ ورآهُ، فلا ينبغي أن يُسلبَ اسمَ الصُّحبةِ مع هذه الحالِ.

ومنها: أنَّ الصُّحبةَ للرسولِ - صلى الله عليه وسلم - مختلفةٌ؛ لأنَّ أحوالَه كانت مختلفةً، فتارةً يكون متشاغلاً بالجهادِ، وتارةً يكون مذكِّراً (١) بآلاء اللهِ ونعمِهِ، وتارةً ببيانِ الأحكامِ الشَّرعيةِ والآدابِ الحكميّةِ، وتارةً يكَون متشاغلاً بشأنِ نفسِه كخروجه إلى الغائط، وإذا قَصَرْنا صحبتَهُ على مَنْ جالسَهُ حالَ إيرادِ العلمِ حَرَمْنا مَنْ حملَ له إداوةً إلى الغائطِ، أو ناولَهُ أحجارَ


(١) في الأصل: "مذاكراً".

<<  <  ج: ص:  >  >>