للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبةِ عما تعلقوا به

فمن ذلك: أنا قد بينا علةَ عدم الإِثم من جهةِ أنَّ جوازَ التأخيرِ توسعةً لمكانِ العذرِ والمشقةِ اللاحقَةِ، مع كونِ الصلاةِ فرضاً على الأعيانِ، وأشغال الكُل مختلفةً، فلو لم يوسَّع لهم وقتُ الفعلِ، لشق إن بادروا إلى الفعلِ كافّةً، وأثموا إن أخَّروا.

ولأنَّ العزمَ على الفعلِ كانَ تعبُّداً شاغلًا للوقتِ، ممتداً إلى حينِ الفعلِ، وعزمُ المكلّفِ صالح لرفعِ المأثمِ في باب التروكِ إِذا ندِمَ على الماضي، وعزمُ المكلّف على التركِ في المستَقبل مُسقط مأثمَ الماضي.

وكذلك قضاءُ رمضان، والدّيونِ المؤجلةِ، لا يأثم بتأخيرها مع وجود العزمِ على الفعلِ في ثاني الحال، وكذلك الكفارات.

ولأنا لا نخصص الوجوبَ بالوقتِ الأول، فيلزمُنا ما تعلقوا به من نفي المأثم، بل نقول: الوجوبُ عام في الوقتِ الأوّلِ والأوسطِ والأخيرِ، وأما الدليل على تعلقِ الوجوب بالوقت الأول، فقد سبقَ ويتناوله الأمرُ، ووقع الفعل فيه موقعَ الإجزَاء، وتساوي الأوقات حجّة لنا، حيث عمّمناها بالوجوبِ لتساويها.

والتخصّص بالمأثم فلا نسلمه، بل يعمُّ الأوقات التي عمها بالتركِ، ولو سلّمه من خصَّص المأثم، كان جوابهُ عنه: أنه الوقتُ الذي يضيقُ فيه الأمرُ بالفعلِ، وزالت التوسعةُ، ولم يبقَ للعزم مجالٌ، لأنه لا يزالُ العزم بدلاً عند قومٍ، ومتطرقاً به عند قوم، إِلىَ أن لا يبقى

<<  <  ج: ص:  >  >>