للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابَه أينَ كانوا، وحيثُ كانوا.

ومنها: أنَّ ما ذهبَ إليهِ المخالفُ يؤدِّي إلى مُحال، وهو أنْ يكونَ قولُهم حجَّةً ما داموا بالمدينةِ، فإذا خرجوا منها، لم يكنْ قولُهم حجَّةً، وهذا منْ أبعدِ الأقوالِ (١)، أنْ يكونَ الشَّخصُ بمكانِه، لا بعلمِه، ولا اجتهادِه، ولو جازَ ذلك، لجازَ أنْ يصيرَ قولُ العاميِّ حجَّةً، إذا صارَ فيها، أو كانَ فيها.

ومنها: أنْ يقالَ: لا يخلو أنْ تكونَ الفضيلةُ الموجبةُ لكونِ أقوالِهم حجَّةً، راجعةً إلى البقاع، أو إلى فضائلِ الرجالِ لأجلِ ما اكتسبوهُ مِن العلومِ، أولهما؛ فإنْ كانَ لأجلِ البقعةِ، فلا وجهَ لذلكَ؛ لأنَّ العامَّةَ ومَنْ لا اجتهادَ له هو في البقعةِ، ولم يُجعلْ قولُهم حجَّةً، وإنْ كانَ لأجلِ الفضلِ، فأصحابُ رسولِ اللهِ كابنِ مسعودٍ وثلاثِ مئةٍ مِن الصَّحابةِ ونيِّفٍ انتقلوا إلى العراقِ، وما كانَ مَن بقيَ بالمدينةِ بأكثَرَ مِنهم علماً، ولا أوفى فضلاً، فلا وجهَ لإِسقاطِ حكمِ خلافِهم، وإخراج قولِهم عن الحجَّة، وجعلِ مَن أقامَ بالمدينةِ حجَّةً عليهم، معَ التَّساوي في أدواتِ الاجتهادِ.

فصل

في شبههم

فمنها: ما رُويَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قَالَ: "إنَّ المدينةَ تنفي خبثَها، كما


(١) في الأصل: "قول".

<<  <  ج: ص:  >  >>