للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الإباحةِ هل هي أمر؟

اعلمْ وفقكَ الله أنَ الإِباحةَ إطلاقٌ وإذنٌ، وليست استدعاءً للفعل، وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ من الأصوليين والفقهاء.

خلافاً للبَلخي (١) وأصحابه في قوله: إن الإباحةَ أمرٌ، والمباحٍ مأمورٌ به، وهو أمرٌ دونَ رتبة الواجبِ والندبِ، فجعلَ الإباحةَ مرتبة ثالثة، وهي أدنى الثلاثِ مراتب (٢).

ولربما كانَ الخلافُ في عبارة، ولربما وقع الخلافُ في معنى: فأمَّا الخلافُ في العبارة؛ أنْ يقال: معنى قولنا: إن المباحَ مأمور به، أنه مأذون في فِعْلِهِ، ومطلقٌ ومحلل له ذلك، ومدلولٌ من جهة السّمْع على أن له فعلهُ، وله تركَهُ، وأن تركَه وفعلَه سيان، لا ثوابَ ولا عقابَ عليهما، فإن اريد ذلك، فهو اتفاق على المعنى، وخلاف في عبارة.

فأمَّا الخلاف في المعنى؛ فهو أنْ يقولَ القائل بذلك: إن الِإباحةَ


(١) هو أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي، كان على رأس طائفةٍ من المعتزلة تُسمَّى الكعبية، ويعتبر من نظراءِ أبي عليٍّ الجبائي، له تصانيفُ عديدة في علم الكلام والأصول. توفي سنة (٣١٩) هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد"٩/ ٣٨٤، "وفيات الأعيان" ٣/ ٤٥ و"سير أعلام النبلاء" ١٤/ ٣١٣، و"شذرات الذهب" ٢/ ٢٨١.
(٢) انظر هذا القول للكعبي في "المسودة" ص (٦٥)، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٤٢٤، و"المستصفى"١/ ٧٤، و"الإحكام" للآمدي ١/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>