للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجزائها، والاعتدادِ بها؛ لأن المخاطبَ بجُملةٍ كلُّها يجب أن تقَع قُربةً (١)، وإذا أتى ببعضها لم يكُ مطيعاً ولا ممتثلاً ولا محصِّلاً لِما كُلِّفَه. فكذلكَ إذا تقرب ببعضها لم يكُ متقرِّباً بما كُلِّفه، لا سيما وليس ينفصلُ بعضُ الصلاةِ عن بعضٍ في الصحةِ والفسادِ، بخلافِ الطاعةِ المفردة عن الطاعة الأخرى، كالصومِ مع الصلاةِ، لا تبطل إحداهما ببطلانِ الأخرى، وبخلافِ المعصية المنفردةِ لا تَبطل بها العبادةُ؛ لأنَّ العبادةَ كملَت بشروطها، فأمَّا إذا كانت المعصيةُ في أبعاضِها، لم تكمل، وصار كالتركِ لعبادةٍ لا تُبطل ما فعله المكلَّف من عبادة أخرى، ولو تركَ بعض أركان العبادةِ لم تفسد بما بقي منها، لارتباطِ بعض أفعالها وأركانِها بعضه ببعض.

وأما تعويلهم على أنَّ النَهي لا يختص الصلاةَ، فباطلٌ بكشف العورةِ لا يختص النهيُ عنه الصلاةَ، بل كشفُها بمحضرٍ من الناسِ يُبطلها، وإن كان لو كشفها خارجَ الصلاةِ كان عاصياً، وكذلكَ الوطءُ في حق المعتدّةِ والصائمةِ، لا يختصّ الإحرام (٢)، ولو أحرمت كان الوطءُ مبطلاً لإحرامِها على معنى قولكم: لا يختصّ الصلاةَ. أنه يعُمّ خارجَ الصلاة وداخلها، ولا يمتنع أن يكون عاصياً به خارجَ الصلاة، مُبطلاً للصلاةِ بفعله داخل الصلاة، كما أن السجودَ للشيطانِ أو الصنمِ محظورٌ خارجَ الصلاةِ، مبطلٌ لها إذا فعلَه أو نواه في الصلاة.

فصل

في جمع شُبَههم

فمنها: أنَهم زعموا أنَ الصلاةَ جنس ومعنى غيرُ الغَصْب؛ لأنَّ الصلاةَ حركاتُ المصلّي وسكناتُه وأذكارُه، والغصب متناولٌ لأجزاءِ الدار وذاتِها وأبعاضِها، فأين الصلاةُ من الغصب؟


(١) بعدها في الأصل: "ومقرباً"، ولا تستقيم العبارة بها.
(٢) هكذا في الأصل. ولعل الصواب: "المحرمة"

<<  <  ج: ص:  >  >>