لِلْمُوقِنِينَ (٢٠)} [الذاريات: ٢٠]، وإلى أمثال ذلك، وإذا ثبتَ الأمرُ، فإنه استدعاءٌ من الأعلى، فإذا وقعَ النظرُ منَ الأدنى، تحفقَ حدّ الطَّاعةِ؛ لأن حدَّها الانقياد لأمرِ الأَعلى.
فيقالُ: لسْنا نمنعُ أنْ يكونَ مأموراً بكتابٍ سبقتِ المعرفةُ بالمتكلمِ بِهِ جلتْ عظمتُهُ، وهوَ الآمرُ، فالانقيادُ لَهُ بعدَ النظرِ الأولِ المُحصِّلِ لإثباتِهِ، ووجوبِ الاستجابة لَهُ، وكلامُنا في النظرِ الأوَّلِ الذي هوَ مقدمةُ العرفانِ، ذلكَ الذي لايقعُ طاعةً، لأنهُ ما ثبتَ الأمرُ المطاعُ قبلَ النظرِ في دلائلِ إِثباتِهِ، فخرجتِ الآياتُ عَنْ كونِها دلائلَ فيما وقعَ الخلافُ فيهِ.
فصل
في أخبارِ الآحاد إذا جاءتْ بما ظاهره التشبيهُ، والتأويلُ فيها [غيرُ] محالٍ، لكنْ يَبعُدُ عن اللّغة حتى يكونَ كأنه لغزٌ، هلْ يجبُ ردّها رأساً، أو يجبُ قبولُها، ويُكلَّفُ العلماءُ تأويلَها؟
اختلفَ الأصوليونَ في ذلكَ على ثلاثة مذاهبَ:
فقومٌ قالوا بظاهرِها؛ لأنَّ ظاهرها لايعطي الأعضاءَ والانفعالات، وحمل الأعراضِ؛ لأنها بينَ ذكرِ يدٍ ورجلٍ، وحَقْوٍ وأصابعَ، وأضراسٍ ولهواتٍ، ونزولِ وصعودٍ، ومشي وتدل، ووضع يدٍ على ظهرٍ ولها بردٌ، واستلقاءٍ على الَظهر ووضع إحدى الرجلينِ على الأخرى، إلى أمثال ذلك من إثبات الغضبِ صفةَ ذاتٍ، والرحمةِ صفةَ ذاتٍ، وهي [عبارةٌ] عنِ التهاب وغليان دم القلب طلباً للانتقام، ورقة طبع يتألم بوقوع الألم