للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماً، لأمكنَ تحصيلُه به لا محالةَ؛ كدليلِ العقل.

وأمّا قولُك: إنَّ إسقاطَ أحدِهما بالآخرِ، لا يمنعُ تساويهما في العلمِ، فغيرُ (١) صحيح؛ لأنّ العلمَ حقيقةً لا يقبلُ التزايدَ، ولا الترجيحَ، وإنما غايةُ اختلافِ العلمِ أن يكونَ أحدُهما أسرعَ حصولاً، وهو الحاصلُ ببدائه العقولِ من غيرِ احتياجٍ إلى وسائل ومقدِّماتٍ، كالعلمِ باستحالةِ مستحيلاتٍ، وإيجاب واجبات بأول نظر، مثل استحالةِ كونِ الجسمِ الواحدِ في مكانين في حالةٍ، واجتماع الضدين في حال واحدٍ، وإِيقاع في الماضي، وإلى أمثالِ ذلك، والعَلمُ الآخرُ أَبْطأَ حصولاً، كالعلمِ بتساوي الخطوطِ الخارجةِ من مركزِ (٢) الدائرةِ على استقامةٍ إلى محيطِ الدائرةِ، وكون المساوي للمساوي مساوياً، وإلى أمثالِ ذلك من الجمل الحِسابيَّةِ، والأشكال الهندسية، الخارجة من العلم إلى الحسِّ.

وأمَّا ترجيحُ أحد الخبرين بكثرةِ الرواةِ، فلأنَّ الظنَّ تقبلهُ الغلبةُ، فيقالُ: ظنّ، وغلبةُ ظنٍّ، فأمَّا العلمُ، فهو الغايةُ التي لا تقبلُ الزيادةَ.

فصل

يجمع شبهاتهم

فمنها: قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}


(١) في الأصل: "غير".
(٢) في الأصل: "كبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>