للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمذهب الثاني: أنه لا يصح ولا يقدم في الدليل (١)؛ لأن الحكمينِ إذا أوجبَهما دليلٌ واحدٌ فلا يفترقان، فوجود أحدِهما يدل على وجودِ الآخرِ، فإذا كان النَكاح الصحيح يوجب الطلاقَ والظهارَ، فصحة الظهارِ تدل على صحةِ الطلاقِ، وصحة الطلاقِ تدلُّ على صحةِ الظهارِ، كما أن وجوبَ نَفقةِ الزوجة يَدل على وجوبِ السكنى والكسوة، ووجوث الكسوةِ يدل على وجوبِ النفقةِ، ولأنه يصير بمنزلةِ منعِ علةٍ وادعاءِ علّة؛ ولأن علتك قاصرةٌ وعلةَ المستدلِ متعدية، والمتعدية أولى.

فصل

ومن ذلك: الاستدلال بالاستقراءِ في لغةِ الجدليين، ويسميه الفقهاء: شهادة الأصول (٢).

وهو: أن يستقر حكمٌ في أصولِ الشريعة على صفةٍ واحدة ثم يتنازعُ المجتهدان في فرعِ حكمٍ يوافق تلك الأصول، فإلحاقه بتلك الأصولِ أولى، كما تقولُ في نواقضِ الوضوء، كالنوم والبولِ والغائطِ والريحِ والمذي: كلُّ ذلك ينقض الوضوء خارجَ الصلاة وداخلَ الصلاة، والكلام والمشي والقيام والضرب: كلُّ ذلك لا ينقض الوضوء خارج الصلاةِ ولا داخلَ، ثم اختلفوا في القَهْقَهةِ، فقال الحنفي: تَنْقُض الوضوء داخلَ الصلاة ولا تنقضة خارج الصلاةِ (٣). وذلك مخالفٌ


(١) ذهبَ إلى ذلك الحنفية، والقاضي أبو بكر الباقلاني. انظر "تيسير التحرير" ٤/ ١٦١.
(٢) أي من الطرق الدالة على صحة العلَّة، الاستقراء أو شهادة الاصول، انظر "العدة" ٥/ ١٤٣٥.
(٣) انظر "المغني"١/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>