للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جازَ أنْ يَخْفَى عليهم مذهب ثالث يعثرُ عليهِ التابعونَ.

فصلٌ،

في الأجوبةِ عنْ شُبَهم

فأمّا دعواهم وجودَ ذلك مِن بعضِ التابعينَ، وإقرار الباقينَ عليهِ، فلا يمكنُ تحصيلُ ذلك، وأنّهم عرفوا وأقرّوا، ثمّ نحنُ لا نقرُّه على ذلك، بل يكونُ محجوجاً بإجماع الصّحابةِ، ولا يُقبلُ منه هذا القولُ؛ ولأنّ ابنَ سيرينَ عاصرَ الصّحابةَ، والتّابعيُّ إذا عاصرَ الصّحابةَ وهو مِن أهل الاجتهادِ [فهو من أهل الإجماع] (١) لا سيَّما معَ قولِنا باشتراطِ (٢) انقراضِ العصرِ لانعقادِ الإجماع.

وأمّا قولُهم: إنّ اختلافَهم على مذهبينِ إجماع منهم على تسويغ الاجتهادِ، فَلَعَمْري إنّ اختلافَهم على قولينِ تسويغ للاجتهادِ في طلبِ الحقً مِن أحدِهما، فأمّا مِن غيرِهما فليسَ ذلكَ في اختلافِهم، وهذا كما لو أجمعوا في حادثةٍ على إبطالِ حكمٍ فيها، فينقطعُ الاجتهاد في ذلك الحكمِ، ثُمّ لا يمنعُ ذلك مِن الاجتهادِ فيها في غيرِ ما أحمعوا على إبطالِه، كذلكَ ها هنا، ويفارقُ هذا إذا لم يستقرًا لخلافُ؛ لأنَّ الإجماع قبلَ الاستقرار لا يمنعُ مِن الخلافِ، وبعدَ الاستقرارِ يمنعُ، كذلك الاختلافُ بمثلِهِ.


(١) ليس في الأصل.
(٢) في الأصل: "في شتراط".

<<  <  ج: ص:  >  >>