فيما يدخلُ عليه لفظُ:"أفْعلُ "، وليس ممَّا يقبلُ التَّزايُدَ في نفسِه.
مِن ذلك قولُهم: زيدٌ أعلمُ من عَمْرٍو. حسن أحْسَنُ من حسينٍ.
وقولُهم: قبيحٌ أقبحُ من قبيحٍ. وإنما نَعْنِي به أن زيداً يعلمُ معلوماتٍ أكثرَ من معلوماتِ عمرٍو؛ إذ لا يجوزُ أن يَرْجِعَ إلى عِلْم زيدٍ بأن خالداً قائمٌ، وعمرٌو أعلم به من ذلك المعلوم، ولا أن عَمْرا يعلمُ أن القَارَ اسود، وزيدٌ أعلمُ بذلك منه، إذ ليسَ في قولِنا: إن العلمَ معرفةُ المعلوم على ما هو به مايَحتمِلُ أن يزيدَ عليه علمٌ آخر، فيكون معرفة الَمعلومِ زيادةً على ما هو به، أو غيرَ ذلك.
وكذلك قولنا: إن هذا الجسْمَ قائمٌ بنفسِه، لا يَحتمِل التزايدَ في أن جسماً آخَرَ اقوَمُ بنفسِه منه، ولَمَّا قالت العربُ: أجسَم، فأدخلَت عليه لَفْظَةَ:"أفعل" على أنها أرادتْ بالجسمِ المُؤلَّفَ، وأدخلتِ التَّزايدَ بلفظةِ:"أفعل" على ما يتزايدُ، وهو كَثْرة التَّأليفِ بكثرةِ الأجزاءِ المؤلَّفةِ.
وقولُنا: حسَنٌ وأحْسَنُ منه، يُرادُ به: أن الأحْسَنَ ما أُمِرنْا به من الثَّناءِ والمَدْحِ لمن فعلَ الحَسَن، أُمِرْنا باوفَرَ منه وأكثرَ لمن فعلَ ما قيلَ: إنه الأحْسَنُ، ومن قيل: إنه فعلَ حَسَناً ما، لا الأحسنَ، هو الذي أنقصُ رتبةً ممَّن فعلَ الأحسنَ، وهو الذي يستحقُّ بوعدِ الله سبحانه من المدحِ والثناءِ والتعظيمِ عليه أقلَّ.
فصل
وأما قولُنا في أحدِ القبيحينِ: إنه أقبحُ، أنَّ ما يُقابَلُ عليه من الذمِّ