للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

يجوزُ تقديمُ الاستثناء على المستثنى منه، إذا كان متصلاً به (١).

مثل قول القائل: ما جاءني إلا أخاك أحدٌ، وما مررتُ إلا أباك بأحدٍ، وقد تكلمت العربُ بذلك نظماً ونثراً، فقال حسَّانُ بنُ ثابتٍ رضي الله عنه:

الناسُ ألْبٌ علينا فيكَ ليسَ لنا ... إلا السيوفَ وأطراف القَنا وَزَرُ (٢)

وقال الكُمَيتُ (٣):

فماليَ إلا آلَ أحمدَ شيعةٌ ... وماليَ إلامَشْعَب الحقِ مَشْعبُ (٤)

فكان الاستثناءُ في الموضعينِ مقدَماً على المستثنى منه. فَنُصِبا جميعاً بالاستثناء مما هو في موضع النَصبِ والخفضِ؛ لأنَّه مما تكلمت به العربُ على هذا الوجهِ.

وقد قال أهل اللغة: إنَّ الاستثناء إذا تقدمَ، نُصِبَ أبداً المستثنى منه، تقول: ما جاءني إلا أباك أحدٌ، وما مررت إلا أباك بأحدٍ، واستشهدوا بهذين البيتين، فيجب


(١) هذا الفصل في "العدة" ٢/ ٦٦٤.
(٢) " ديوان حسان ": ٢٠٦، و"السيرة النبوية"، لابن هشام ٤/ ١٤١، و"شرح أبيات سيبويه"
للسيرافي ١٧٥/ ٢.
وقد نسبَ المبرِّد في "الكامل" ٢/ ٦١٤، وسيبويه في "الكتاب" ١/ ٣٧١ هذا البيت لكعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، والصحيح نسته إلى حسان بن ثابت رضي الله عنه.
وقوله: ألْبٌ، وإلبٌ: مجتمعون عليه بالظلم والعداوة."القاموس المحيط": (ألب).
(٣) الكميت بن زيد الأسدي الكوفي، مقدمُ شعراء وقته، حتى قيلَ في شعره: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان. روى عن الفرزدق. ولد سنة (٦٠ هـ)، وتوفي سنة (١٢٦هـ). "الشعر والشعراء": ٣٦٨، و"الأغاني" ١٧/ ١، ٤٠، و"سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٨٨.
(٤) نُسِبَ هذا البيت للكميت في "خزانة الأدب" ٢/ ٤٠٨، و"شرح أبيات مغني اللبيب" للبغدادي ٦/ ٣٣٣، و"الأغاني" ١٧/ ٢٧، و"الكامل" ٢/ ٦١٤. وورد من غير نسبة في "المقتضب" ٤/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>