للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكونَ له منزلةُ التوقيفِ.

فصل

في شبهةِ المخالفينَ

قالوا: الظَاهرُ مِنَ الصَّحابيِّ معَ كونِهِ عارفاً بطرقِ الاجتهادِ والثِّقةِ بهِ في معرفةِ القياسِ، أَنهُ لم يعدلْ عَنِ القياسِ الصَّحيح إلاَّ لتوقيفٍ عَرَفَهُ في الحادثةِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

فيقالُ: هذا ظاهرٌ لا يُسلمُ، بلِ الظاهرُ غيرُهُ، وهو أَننا نقرِّرُ أنْه معَ حسنِ الظنِّ بهِ وثقتهِ، لا يجوزُ أَنْ يكتمَ روايةً هاديةً عَنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى الحقِّ، كاشفةً لحكم الله في حادثة أبهمَ أمرُها، ويقول قولاً لايَشهدُ له القياسُ، فيُحدِث بذلك جَلَلَينِ عظيمين، أحدهما: كَتْم العِلم النافع مع كون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حَث على حِفْظِ صيغةِ كلامِهِ، خوفاً مِنْ خَفَاءِ الفقهِ فيها، وإلى ذلكَ أشارَ بقولِهِ: "فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرُ فقيهٍ، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى مَنْ هوَ أفقهُ منْهُ" (١)، وهذا في الأَداءِ كما سُمِعَ وهوَ وَصْفٌ، فقد نبَّه على أصلِ الرِّواية لاتضيع فيضيع أصلُ الفقهِ، ويفزَعُ النَّاسُ إلى آرائِهم.

الثاني: أَنَّهُ لم يقنعْهُ المدحُ على تحرِّي الصِّيغةِ حتَّى تواعَدَ على كَتْمِ العلمِ فقالَ: "مَنْ كتمَ علماً نافعاً ألجَمهُ الله بلجامٍ مِنْ نارٍ" (٢)، فمعَ هذهِ


(١) تقدم تخريجه ١/ ٧.
(٢) تقدم تخريجه ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>