مَثالُ ذلك: الظُّلمُ والعَبَثُ في أن الظلمَ إذا كانَ يشهدُ بأنه لا يكونُ من حكيمٍ، فالعَبَثُ يشهدُ بأنه لا يكونُ من حكيمٍ، وكذلك كان فعلُ ما لا فائدةَ فيه الْبَتةَ، كفعلِ ما هو مَحْضُ المضَرةِ ممن يدخلُ تحتَ رَسْمٍ خلا الباريَ سبحانه، فإنه لو فعلَ المضَارَ المَحْضَةَ، لم يخلُ فعلُه من حكمةٍ؛ لأنه لا رَسْمَ عليه ولا مُعقِّبَ لأمِرِه.
فصل
في المعارضةِ على أصلٍ أو عِلَّةٍ
اعلم أن المعارضةَ على أصلٍ: هي مقابلةُ ما (١) يشهدُ به الأصلُ بما يشهدُ به الفَرْعْ.
مثالُ ذلك: الكلامُ يشهدُ بأنه لا يكونُ إِلا من متكلمٍ، كما أن المعنى [من] متكلِّمٍ يشهدُ بأنه لا يكونُ إلا بكلامٍ.
وأما المعارضُة على علَّةٍ: فهي مقابلةُ ما يشهدُ به الأصلُ من أجل حقيقةٍ هو عليها بما يشهدُ به الفرعُ من أجلِ حقيقةٍ هو عليها.
مثالُ ذلك: قولُك لليهوديَ: إذا صَحَتْ نُبُوَّةُ موسى لأجلِ المعجزةِ، فما تُنكِرُ أن تصح نُبوَّةَ محمدٍ عليهما السلام لأجلِ المعجزةِ؟ وكذلك قولُك للنصرانى: إذا كان لا بدَّ للقديمِ جل وعزَ من علمٍ؛ لأنه لا عالِمَ إلا وله عِلم، فما تُنكِرُ أن تكونَ له قدرةٌ؛ لأنه ما من قادرٍ إلا وله قدرة؟ فهذه المعارضةُ بنظيرِ العلَّةِ.