للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمذهب به؛ لأنه يعطي أنه مُقلِّدٌ (١)؛ إذ لو كان مُستدِلًا لدل السائلَ بما استدَلَّ به على المذهب، وذكرَ الدليلَ الذي لأجلِه تمذهبَ بذلك المذهبِ، ولمَّا عَجزَ عن الَدَّلالةِ خرجَ عن أهلِ المذاهبِ، وعُلِمَ أنه مُقلِّدٌ هَويَ شيئاً، فقالَ به. وعجْزُ السائلِ عن إفسادِه لا يُصحَحُ مذهبَ المسؤولِ، كما أن مُدَّعيَ النبوَّةِ لو طلبَ منه طالبٌ مُعجزةً دالَّةً على صدقه، فردَّ على الطالب طَلَبَه بأن قال: فدُلَّ أنت على كذبي، فليس عجزي [عن] إقامةِ الدَّلَالةِ على صِدْقي بأوفى من عَجْزِك عن إقامة الدليلِ على كذبي، لم يكُ هكذا القولُ صحيحاً لإِثباتِ دعواه، كذلك ها هنا (٢).

فصل

من العِللِ

اعلم أنه إذا قال القائلُ: إنما كان الجسمُ مُتحرِّكاً؛ لأن فيه حركةً، فقد جعلَ الحركةَ عِلَةٍ لكونِ الشيءِ متحرِّكاً، وجعلَ عِلَّةَ كونِ الشيءِ متحرِّكاً، وعِلَّةَ استحقاقِه للوصفِ بالتحرُّكِ: الحركةَ، فلَزِمَه على هذا القياسِ أن يجعلَ كلَّ (٣) حركةٍ وُجِدَتْ في شيءٍ علةً لتحركِه، وكل مُتحرِّكٍ ذا حركةٍ؛ لأنه قد جعل علةَ كونه مُتحركاً: الحركةَ.

فإن أبى هذا وزعمَ أن الواجبَ أحدُ الأمرَينِ، وهو أن يكونَ كلُّ


(١) في الأصل: "مقلداً".
(٢) انظر "الكافية" ص ٣٨٦ وما بعدها.
(٣) في الأصل: "علَّةُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>