هؤلاءِ -وهم أهلُ التولُّدِ-، وعندنا لا بُدَّ أن تُوجِبَ معلولًا في الجملةِ، فقد يكون تغيُّراً، وقد يكونُ غيرَه؛ لأن العلمَ علَّةُ كونِ العالِمِ عالماً شاهداً وغائباً، فاحْذَرْ مقالةَ هؤلاءِ وقولَهم: المعلولُ لا يكونُ عن العلَّةِ إلا حادثاً بعد أن لم يَكُنْ، وتغيراً عن حالٍ كان عليها إلى حال لم يكنْ.
فصل
في شَرْطِ العلَّةِ
اعلم أن شرطَ العلَّة: هو تعليقُها بما إذا وَقَعَتْ عليه أوجَبَتْ معنى الحكمِ، وإذا لم تَقَعْ عليه لم تُوجِبْ معنى الحكمِ.
والفرقُ بينها وبينَ الجُزْءِ من العلَّةِ: أن الاقتضاءَ لها إذا كانت على تلك الصفةِ، وليس كذلك الجزءُ من العلَّةِ، بل الاقتضاءُ للجملةِ بأجزائها.
مثالُ الأولِ: إذا كان القبيحُ من مَحْجُوجٍ فيه، استَحَقَّ الذمَّ لأجل القبيحِ الواقعِ على هذه الصفةِ، وليس يَستحِقُه لأجل القبيحِ وأنه محجوجٌ فيه، وكذلك يصحُّ الفعلُ بالقدرةِ إذا لم يَكُنْ مَنْعٌ، وليس يقعُ الفعلُ لأجل القدرةِ وعَدَمِ المنعِ، فهذا مثالُ الشرطِ، والمنعُ: مثلُ قَيْدٍ ورِباطٍ.
مثالُ الثاني -وهو الجزءُ-: علَّةُ الجسمِ الطُولُ والعَرْضُ والعُمْقُ، ولا يجوزُ أن تكونَ العلَّةُ الطولَ إذاكان عرْضٌ وعمقٌ، لأن الاقتضاءَ لاجتماع هذه الثلاثةِ على الحدِّ الذي وَصَفْنا.