للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسكرِه ورَجِلِه؛ وهل هطلَ المطرُ؟ وزهقت نفسُ زيدٍ، أم قاربَ مجيءُ الغيثِ، وكادَ أن يموتَ زيدٌ؟

إذ كان الاستعمال للمجاز في ذلك لا تتحصل به حقيقة الأمرِ فيه.

قال بعضُ الأئمةِ: وكما حسُنَ في لغتِهم من القائلِ، وإن كان المؤكدُ مستقلًا، حَسُن الاستفهام من السامع، وإن كان الكلام مستقلًا.

فإذا ثبتَ هذا: وجدنا أنَّ الظاهرَ هاهنا ليس بأكثرَ من العموم في الأعيانِ الذي يُرادُ به شمولُها، لأحكام، ثم لما جاءَ بمعنى الخصوَصِ حسُن الاستفهامُ، كذلكَ في مسألتنا، الذي يقتضيه الظاهُر دوامَ الفعلِ المأمورِ به، وقد يجيءُ والمرإدُ به المرةُ، فلذلكَ حسُنَ الاستفهامُ.

ولهم أن يقولوا: قد قررتم أنَ الاستفهامَ إنما حَسُنَ بالترددِ والاحتمالِ، وتبينتبم أن جهتي التردُّدِ الاشتراك في الأسماءِ المشتركةِ، كجون، ولَوْن، وقرء، أو الترددُ بين حقيقةٍ: واتساعٍ باستعارةٍ ومجازٍ، ونفيتم الاشتراكَ هاهنا بين المرةِ والتكرارِ، فلم يبق لتحسينِ الاستفهام هنا إلا الحقيقة والمجازُ، فبينوا أنَ استعمالَه في المرةِ مجازٌ، ولنَ يستطيعوا ذلك لما بيَّنا من كونِهما سواءٌ، وما يأتي من أدلةِ من يعتقدُ أنَّ المقتضي فعل مرةٍ واحدةٍ.

قيل: أدلتُنا هي التي أوجبت كونَ الِإطلاقِ يقتضي الدوامَ والتكرارَ، فلا حاجةَ بنا إلى إعادتِها.

وأما تعلُّقُهم بأنه لو كان يقتضي دفعةً، لما حَسُن أن نقيده بها، ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>