للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره. والقرآنُ يقتضي تعلقَ الوعيدِ والتوبيخِ بمخالفتهِ لكونه أمرأ، ولأنَ قولكم: إنّ الوعيدَ هو الدالُّ على كونِه أنَهُ داخلٌ. لا يَحْسُن، لأنَ الأمرَ بمخالفته حَصل الوعيدُ، فنحن باستدلالِنا بالوعيدِ على مخالفته على كونه واجباً، أسعد منكم باستدلالِكم على أنه صار واجباً بالوعيدِ، لأن الوعيدَ جزاءٌ، فالأشبهُ أن يتأخرَ عن الأمرِ المستحقِّ به.

فصل

في الدلائلِ من جهةِ الآثارِ والمنن

ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لولا أنْ أشُق على أمّتي لأمرتُهم بالسواكِ عند كلِّ صلاةٍ" (١)، هذا يَدُل على أن ما أمرَ به وجبَ، ولو أمرَ به لَوجَبَ وانْ شق.

وقوله صلى الله عليه وسلم لبريرة في مَعْنى زوجها -أي لمغيث (٢) -: "لو راجعتهِ، فإنه أبو ولدكِ" فقالت: أبأمرِكَ يا رسولَ الله؟ قال: "إنما أنا شافعٌ" (٣) فموضع الدلالةِ أنه أخبرَ بالشفاعةِ، وشفاعتُهُ ندب، فلو كان الأمرُ يقتضي الندْبَ، لكان قد نفى ندباً، وأثبتَ ندباً.

وروي أنه مَرَّ برجل يصلي فدعاه فلم يجبه، فلما فرغَ من الصلاةِ


(١) أخرجه البخاري في كتاب التمني (٧٢٤٠)، وأخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب السواك (٢٥٢).
(٢) في الأصل: "أبي المغيث". وعلق الناسخ في الهامش بقوله: "كذا بخط ابن
عقيل والصواب: مغيث"
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوج بريرة (٥٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>