إذا قال: اضرب. فضربَ، ثم قال: اضرب. أن الثاني يفيد ضرباً مُستأنفاً، لأن الأمرَ الثاني لا يعودُ إلى الضربِ الأول، لأن الأولَ وقَع، فلا يحتاجُ في وقوعهِ إلى أمرٍ بعدهَ، ولا يصحُّ بعدَ وقوعهِ من جهةِ الأمرِ إلا التصويبُ، والشكرُ على الطاعةِ، وموافقةُ الأمرِ، فأمَّا بعد الامتثالِ، فلم يبقَ احتمالٌ يقعُ لأجله الخلاف.
فصلٌ
واذا كانَ الأمرُ بفعلٍ ممتدٍّ يستوعبُ للعمرِ، كالإيمانِ، كانَ الأمرُ بماضيه مستحيلاً، فإذا وَرَدَ الأمرُ به فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[النساء: ١٣٦] كان أمراً بمستقبل وهو الاستدامة، وكان تأكيداً، لأنّ الأمر الأول تناول جميع عُمر المكلف فلم يبقَ أن يكونَ الأمر الثاني إلا تأكيداً، وذلك مثل الإيمان، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ..}[النساء: ١٣٦] بمعنى استديموا.
فصلٌ
في الأمر المطلق، هل يقتضي الفور أو التراخي، أو الوقف؟
اعلم أن شيخنا -رضي الله عنهُ- أخذ من إيجاب صاحبنا الحج على الفور، أن الأمرَ على الفور (١)، وقد أخذ جماعة من الفقهاء مثل هذا الأخذِ.
(١) ذكرَ أبو يعلى في "العدة" ١/ ٢٨١، بأن الأمرَ المطلق يقتضي فعلَ المأمور به على الفور عقيب الأمر، واستفاد ذلك من كلام الإمام أحمد رضي الله عنه في أن الحج على الفور.