للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإرادةٍ واحدةٍ أو بإرادتين؟

فصلٌ

في جميعِ الأجوبةِ

فأمَّا الأولُ: فإنما لم يَصِح، لأنه إنما يصح أنْ يُرادَ مِن اللفظِ ما يصح أنْ يجريَ عليه من المعنى في حقيقةٍ أو مجازٍ إذا لم تكنْ متضادَّةً، واسمُ الناسِ لا يجري على البهائمِ في حقيقةٍ ولا مجازٍ، وكذلك اسمُ المشركينَ لا يقعُ على المسلمين في حقيقةٍ ولا مجازٍ، ولو وَقَعَ على ذلك لصح أنْ يُرادَ.

وأمَّا الثاني: فغيرُ مستحيلٍ، وكذلك صلحَ حَمْلُ قولِه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] على العَقْدِ والوطءِ، وكان مجازاً في أحدِهما، اللَّهُم إلا أنْ يريدَ قَصرَ اللفظِ على حقيقتهِ وتعدِّيهِ إلى مجازهِ، فإن ذلك متضادٌّ لا يصحُّ القصدُ إليه.

وأما سؤالهُم الأول: فالجوابُ عنه أنَه بدليلٍ يقترنُ بها، وإنَما اعتبرنا دليلًا، لمكانِ التردُّدِ والاحتمالِ، وذلك سبيلُ كلُّ مُحتمل مُترددٍ لا يُصرفُ إلى أحدِ مُحَّتَمَلَيْهِ إلَا بدليلٍ.

وأما سؤالهم الثاني في الإرادةِ: فإنْ كان المتكلمُ بها هو الله سبحانه فإنَه يريدُه، ويريدُ جميعَ مُراداتِه بإرادةٍ واحدةٍ، كما يعلمُ سائرَ المعلوماتِ بعلمٍ واحدٍ، وإنْ كانَ المُتكلِّمُ باللفظةِ المرادِ بها المعنيَانِ محدثاً فإنَهُ يريدُهما جميعاً بإرادتينِ غير متضادين، وإنَما وَجَبَ ذلك فيه، لصحةِ إرادتهِ لأحدِهما وكراهتِه للآخرِ، فلو كانَ يريدُهما بإرادةٍ واحدةٍ، لاستحالَ أنْ يريدَ أحدَهما دون الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>