للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التركِ والعزم عليه، فلا يقتضى تأخيرَ المقصودِ بالعزمِ والاعتقادِ، والذي يوضحُ هذا أنه يحسُن من المستدعي للتركِ أن يقتضي بالتعجيلِ، ويلومَ على التأخيرِ مع إزاحةِ العللِ، واجتماعِ شروطِ التكليف فيما كلفه من الكف، ويُعاقِبَ على التخلفِ عنه ما لم تَقم دلالةُ التخييرِ بين التقديمِ والتأخير.

ومنها: أنَ الصيغة استدعاء للترك، وليس معها قرينة تدُلّ على التوسعةِ والفُسْحَة في التراخي، فهي بكونها استدعاء جازمة على المكلف بتركِ ما نهى عنه، ودوامه.

ومنها: أنَ النهي، كمنعِ الحالف نفسَه باليمين، ولو حلفَ أن لا يفعلَ، لم يختلف العلماءُ أنّه متى لم يتعقب الكَف والامتناعُ يمينَه حَنِثَ وكان مخالفاً بفعله قولَه، واليمينُ على الترك منع لنفسه بالقَسم، فإذا كان منعُه لنفسه يُوجبُ الفورَ والتكرارَ، ومن خالف حَنِثَ، فأمرُ الله سبحانه له بالكفِّ أولى أن يقتضى البِدارَ والفور.

ومنها: أنَّ النَهيَ مما لا يثبتُ في الذمّة ويكون نَسيئةً (١)، فلا وجه للتأخير؛ إذ لا يكون تاركاً مع عدم التزامِ التركِ وقطع استدامته، وإلا فلا يُسمى تاركاً ولا مُطيعاً، ولا يمتنعُ أن لا يكونَ المنعُ من الجميع، لكن يكونُ الأصلُ تركَ أحدهما، ومتى تركَ أحدَهما لم يكن فعلُ الآخر مفسدة، كالجمعِ بين الأختين، يقالُ له: إما أن تتزوج هذه أو هذه. والفسادُ بالجمع، وتَزوجُ إحداهما (٢) وتركُ الأخرى ليس بمفسدةٍ.

فصل

في شُبههم

قالوا: ليس لزمانِ الترك في الصيغة ذكر ولا للتكرارِ والدوامِ ذكر وإنما نتلقى الأحكامَ الشرعية من الصِّيغ، وإذا لم يكن في الصيغِ ذلك أوقفنا القولَ بوجوبِ الفورِ


(١) في الأصل: "نسبة"، والمقصود هو التأخير فلعل المثبت هو الصواب.
(٢) في الأصل: "أحدهما"، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>