نهياَ لا يتبعهُ الفسادُ؛ الطلاقُ حالَ الحيضِ -مَنهيٌ عنه، وهو صحيحٌ، واقعٌ، نافذٌ، مزيلٌ للملك عن الأبْضاع، تترتب عليه الأحكامُ من انقضاء العِدَدِ، وإباحةِ المطَّلقةِ للأزواجِ-، والبيعُ عند النداءِ إلى الجمعةِ، والذَّبحُ بالسَّكين المغصوبةِ، والوضوءُ بالماءِ المغصوبِ.
ومنها: أنه لو كان النهيُ يقتضى الفسادَ لكان إذا تناول ما ليس بفاسدِ أن يكون مجازاً، فلما كان حقيقةَ، وإن لم يوجب الفسادَ، عُلمَ أنه لم يسلب مقتضاه، وهو الفسادُ، بل انعدم الزائدُ على مقتضاه الذي يَثبُتُ بالدليلِ، وينتفي بانتفاء الدليل.
ومنها: أنَ القولَ بالفسادِ يوجب إعادةَ الفعل، وليس في اللفظ ما يقتضي الإعادةَ، وإنما يعطي وجوبَ الفعلِ فقط، فمدّعي وجوبِ الإعادةِ يحتاجُ إلى دلالة من غيرِ اللفظ.
ومنها: أنَ الفسادَ صفةٌ زائدة على الحظرِ والتحريمِ، والذي اقتضاه اللفظُ استدعاءَ التركِ والكف، فمدّعي زيادةِ هذا الوصفِ يحتاج إلى أمرِ يزيد على اللفظِ، وهي دلالة تُوجبُ الفسادَ.
فصل
في الأجوبةِ عن شُبههم
أما قولُهم: لو كان مُقتضاه الفسادَ لما انفصلَ عنه، كالمعلولِ مع علتِه.
لا يلزمُ؛ لأنه إنما يَنفصل عنه بدلالةٍ، وانفصالُه عنه بدلالةِ لا يمنعُ كونَه من مقتضاه، كالتحريمِ، فإنه قد ينفصلُ عن النهيِ بدلالةِ، ولا يدُلّ على أنه ليس من مقتضاه، (١ كما نَجدُ نَهياَ، ولا يوجب تَحريماً ١)، كما نجد نَهياً ولا يوجبُ فساداً، فما يلزمُنَا في انفصالِ الفسادِ عنه يَلزمكم في انفصالِ التحريمِ عنه، ويبقى بعد خروجِ الفسادِ بالدليلِ كالعمومِ المخصوص بالدليل.