للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وجميعُ أحكام الأمارات والعِلل الشرعية ثابتة بالسمع دونَ العَقل؛ لأن العقل لا يوجب حُكْماً من أحكام العبادات والعُقود على ما نَدُلُّ عليه من بَعدُ، إن شاء الله.

فصل

في شَرح ما يُعلَمُ بالعقل دون السمع، وما لا يُعلَم إلا بالسمع دون العَقل، وما يَصِحُّ أن يُعلم بهما جَميعاً.

اعلم أن جميعَ أحكام الدِّينِ المعلومة لا تَنفكُّ من ثَلاثة أقسام: قسم منها: لا يَصحُّ أن يُعلم إلا بالعَقل دون السمع.

القسم الثاني: لا يَصحُّ أن يُعلم بالعَقل، بل لا يُعلم إلا من جِهة السمع.

القسم الثالث: يَصحّ أن يُعلم عَقلاً وسَمعاً.

فأما ما لا يصحُّ أن يُعلم إلا بالعقل دون السمع؛ نَحو حُدوث (١) العالَم، وإثبات مُحدثِه سُبحانه، وإثبات وَحْدانِيّتِه سبحانه، وإثبات صِفاته الواجبة له (٢)، وإثبات الرسالة وتَجويزها عليه سُبحانه، وكل ما يتعلق على هذه الجملة مما لا يصحُّ أن يُعلم التوحيدُ والنُبوةُ إلا به.

والدلالة على ذلك أن السَّمع إنما هو عِبارة عن كلام الله، وما هو مَرويّ عمّن يُعلم أنه رسولُه المُخبرُ عنه، وإجماع مَن أخبر رسوله أنه


(١) في الأصل:"حدث".
(٢) هذا غير صحيح، فإن الله تعالى نَبه على أن حدوث الحوادث دليل على وحدانيته سبحانه وقُدرته وإرادته، ووجود الخالق سبحانه دَل عليه السمع والعقل والفطرة، وأسماؤه وصفاته دَلّ العمل عليها إجمالاً، كما دل عليها السمع إجمالا وتفصيلاً، فهي ثابتة بالعقل والسمع، لا بالعقل وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>