للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحقٍّ، أُثبتَ الباطل، وليس الحقيقة من الحق بشيء، ولهذا تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير الحقيقةِ، وما (١) تكلم إلا بالحق، فقال: "أمزح، ولا أقول إلا حقاً" (٢)، فلما قال للمرأةِ: "في عين زوجك بياض" (٣)، أوهمها بياضاً (٤) في السَّوادِ، وهو يريدُ بياضاً حولَ السوادِ، وقال للحادي المعروفِ بأنجَشَة لما حدا، فأبكى زوجاتِه: "يا أنجشةُ، رفقاً بهؤلاءِ القواريرِ" (٥)، فاستعارَ للنِّساءِ اسم: قوارير، وما أحسنَ هذه الاستعارةَ!. فإنهنَّ رقيقاتُ القلوبِ، سريعاتُ الانفعال بالوهنِ، قليلاتُ الصبرِ والتماسكِ، كما أنَّ القواريرَ سريعاتُ الانكسارِ، أيسرُ شيءٍ يؤثِّرُ فيهنَّ، كالقواريرِ.

فصلٌ

والدلالةُ على مَنْ منعَ المجازَ من أصحابنا


(١) في الأصل: "أما".
(٢) تقدم تخريجه في الصفحة: (٤١).
(٣) عن زيد بن أسلم: أن امرأة يقال لها: أم أيمن، جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن زوجي يدعوك. قال: "من هو؟ أهو الذي بعينيه بياض؟ " فقالت: أي يا رسول الله!؟ والله ما بعينيه بياض. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل إن بعينيه بياضاً" فقالت: لا واللهِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وهل من أحد إلا وبعينيه بياض؟ " أورده العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" ٣/ ١٢٥، والزبيدي في "الإتحاف" ٧/ ٥٠٠، والقاضي عياض في "الشفا" ٢/ ٤٢٤.
(٤) في الأصل: "بياض".
(٥) تقدم تخريجه في الصفحة: (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>