للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

في شبههم

فمنها: أن قالوا: إنَّ التكاليفَ مبنيةٌ على المصالح، ولا يعلمُ المصالحَ إلا الله سبحانه ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - وإذا كان الناقلُ للخبرِ غيرُ العالم بالمصالح واحداً، مع تطرقِ السهوِ عليه في نقلِه وخبرِه، لم تحصل لنا الثقة بحصول الأصلحِ الذي بُنيَ التكليفُ عليه.

فيقال: الأصلُ في التكليفِ مشيئةُ الله سبحانه، ولا يتخصصُّ التكليفُ بمصلحةِ المكلف، هذا أصلٌ قد فرغنا منه في أصول الدياناتِ؛ بما بانَ من كونِ التكليفِ في حقِّ كثيير من المكلفين سبباً للوبال.

على أنَّا إن تكلمنا على الاسترسال في النظرِ، فإنَّ تَحَرِّي ما يوجبُ غلبةَ الظنِّ في حصول الأصلح، هو المُعوَّل (١) عليه، وهو خبرُ الواحدِ العدل الذي رضيَ به الشرع في إشغال الذمم التي أوجبَ خلوَّها دليلُ العقلِ، وإراقةِ الدماءِ، وانتزاع الأموال من أرباب الأيدي، والتصرفات، وإباحةِ الأبضاعِ المغصوبةِ المحرمةِ، كلُّ ذلكَ بشهادةِ الاثنين، وفتوى الواحدِ مع العدالةِ، وإن كان مبنى إيجاب (٢) الحقوق، وشغلِ الذمم، وإباحةِ الحيوانِ، على المصالح ونفي المفاسد، وقد وجبَ على الحكامِ العملُ بذلك في الأحكامِ، وكذلك العوامُّ جاز لهم العمل بفتيا الواحدِ في جميعِ هذه الأحكام، وإن جازَ


(١) في الأصل: "المعمول".
(٢) في الأصل: "احاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>