للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحج؛ ألِعامِنا هذا، أم للأبد؟ فقال: "للأبد، ولو قلت: نعم لوَجَبَت، ولو وَجبَ، لم تستطيعوا" (١)، واقرار النبي صلى الله عليه وسلم على الاستفهام دلالة على حسنه شرعاً ولغةً.

وما حسنت إلا لترددِ الأمرِ بين التكرار والمرةِ الواحدة.

قالوا: ولأنه لو كان يقتضي الفعلَ مرةً، لما حسُنَ تقييدُه بها بأن يقول: افعلْ مرَةً.

ولو كان يقتضي التكرار لما حسُنَ أن يصرح بالتكرار فيقولُ: اضرب مئةً مئةً، أو ألفاً، أو أبداً. فلما حَسُن ذلكَ، دل على أنه ما اقتضاه إطلاقُ اللفظ، ألا ترى أن العددَ إذا صرَح به لما كان مقتضى اللفظِ كفى ذلكَ من غير تصريح ثانٍ، وإذا ثبتَ هذا كانَ المذهبُ في هذا هو الوقفَ، إلى أن تردَ دلالةٌ تصرفُه إلى أحدِ محتَمليه، إما اقتضاءُ دفعةٍ واحدةٍ، أو أكثر.


= أخرجه أبو داود (١٧٢١)، والنسائي ٥/ ١١٠، وابن ماجه ٢٨٨٦، وأحمد ١/ ٢٩١.
(١) هذه الصيغة وردت في حديث، طويل لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالمدينه سبعاً لم يحج، فذكر الحديث، وفيه فقال: "اجعلوا حجَّكم عمرة" وفيه فقال سراقة بن مالك: ألعامنا هذا يا رسول الله أو للأبد؟ فقال:"بل للأبد" أخرجه مسلم (١٢١٨)، وأبو داود (١٩٠٥)، والنسائي ٥/ ٢٦٧ و ٢٧٤، وابن ماجه و (٣٠٧٤)، والطيالسي (٩٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>