للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسرير، ويريد به: الجالس على السرير والدَّكَّةِ، كما أرادَ هناكَ ساكنَ القريةِ، وأهلَ العيرِ، و [لا] (١) تقول: بما كسبت أَرجلكم، بدلاً أو قياساً على قوله تعالى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠].

وعندي: أَنّهُم إنَّما منعوا ذلكَ، لأَنَّه مستعارٌ من حقيقةٍ، فلو قيسَ عليه، لكانَ استعارةً منه أيضاً، فيتسلسلُ، ولهذه العلَّةِ منعوا من تصغير التصغيرِ، والذي يظهرُ من المجازِ: أنَّه نوعُ قياسٍ منهم، لأنَّه إذا تُتُبَّعَ كل مستعار في لغةِ العرب، علم أنهم إنما قصدوا خلعَ اسم الحقيقةِ على مايشاكلُها نوعَ مشاكلَةٍ، من ذلكَ: لَحْظُهم (٢) البلادةَ التي في الحمارِ، والفيضَ الذي في البحارِ، والإقدامَ الذي في السَّبعِ والشّجاع، واستعارةُ اسمِ الحمارِ للبليدِ، والبحرِ للكريمِ أو العالمِ، واسمِ السَّبعِ للرجلِ المحرابِ، وهذا هو عينُ القياسِ، فلم يقيسوا على المقيسِ.

فصلٌ (٣)

ويجوز أن يرد اللفظُ الواحدُ، فيتناول موضعَ الحقيقةِ والمجازِ، فيكون حقيقةً من وجهٍ، مجازاً من وجهٍ آخر، نحو قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]، هو حقيقة في الوطءِ، بدليلِ أنَّه يُستعملُ في موضعٍ لايجوزُ فيه العَقْدُ، مثل قوله


(١) ليست في الأصل.
(٢) في الأصل: "الحظهم".
(٣) را جع "العدة" ٢/ ٧٠٣، و"المسودة" (١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>