للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في المركب (١)

واعلم أن القياسَ على الأصلِ المركبِ على ضربين:

أحدُهما: أن يَبني دليلًا على دليل ويقيس مختلفاً على مختلفٍ ثم يدلّ عليه، وهذا حَسَن يستعمل في كلّ علمٍ، وأكثرُ ما يستعملُه أهلُ الأصولَ.

مثالُه من الفقهيات: أن يُسألَ عن بيعِ الأرز بالأرز متفاضلًا فيقول: لا يجوزُ. فيطالَبُ بالدليلِ، فيقول: لأنه مطعوم جنس، أو لأنه مكيلُ جنس، فحرم التفاضل فيه كالبُرّ. فيقولُ السائلُ: هذا قياس، وأنا لا أسلمُ لك أن القياسُ حجة. فيستدلُ على صحةِ القياسِ بالإِجماعِ، فيقولُ: لا أسلمُ لكَ أن الإِجماعَ حجة. فيستدلُّ عليهِ بالكتابِ، وهي آية الِإجماع: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥]، فهذا تركيب على أصل لم يُسلمْه خصمه، لكنه أصل يختصُ به المستدِلُّ، ثم يقيمُ الدلالةَ عليه.

وقد استدلَّ الشافعيُ -رحمة الله عليه- بمثلِ هذا في مواضعَ: منها: أنه قال: ولو كان الصوفُ والشعرُ والريشُ لا يموتُ بموتِ ذاتِ الروحِ، أو كان يطهرُ بالدباغ، لكان ذلك في قرنِ الميتةِ وسِنّها،


(١) يرجع في هذا الفصل إلى "شرح مختصر الروضة" ٣/ ٥٥٢، و"شرح الكوكب المنير" ٤/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>