للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجازَ في عظمِها؛ لأنهُ قبلَ الدباغ وبعدَه سواء. فقاسَ الصوفَ والشعرَ على العظمِ، ومعلومٌ أنه لا يسلَم له أصحابُ أبي حنيفة الأصلَ، بل يقولُ أبو حنيفةَ: إنً العظَم لا ينجس بالموتِ. ولا شكَّ أن الشافعيَ رضي الله عنه لم ينظرْ إلى منعِ أبي حنيفة، بل عوَّل على الدلالةِ القائمةِ في كونِ العظمِ يحيا ويموتُ بقوله سبحانه: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٨ - ٧٩].

وقال في البكرِ البالغةِ: يجوزُ للأبِ إجبارُها، ولو كانت إذا بلغت أحقِّ بنفسِها أشبه أن لا يجوزَ ذلك عليها قبل بلوغها، كما قلنا في المولودِ يقتلُ أبوهُ: يحبسُ قاتلُه، حتى يبلغَ [فيقتصَّ] (١) أو يعفوَ.

ونريدُ به: لو لم يجزْ للأبِ إجبارُها بالغةً لم يجزْ تفويتُه عليها قبل بلوغها، كالقودِ للصغيرِ فيما يقعُ فيه، وهو يعلمُ أنَّ أبا حنيفة يقولُ: بأن الوليَّ يستوفي القصاصَ للصغيرِ، لكنه عوّلَ على أنه يدل عليه بأن القصاصَ للتَشَفي وذلك يفوّتُ على الوارِث، ولأنه حق الصغيرِ فلا يفوتُ عليه، كالمالِ، وهذا يدلُّ من كلامِه أيضاً، على أنَّ عنده يجوزُ القياسُ على فرعٍ لأصلٍ آخر.

فصل

والضربُ الثاني (٢): الذي يستعملهُ المتفقهة يريدون به هذا الذي ذكرناه، إلا أنَّه بَعُدَ البناءُ عليه لبُعْدِ ما بين المسألتين، كما يقولُ أصحابُنا وأصحابُ الشافعي: في أنَّ بيعَ اللحمِ بالحيوانِ لا يجوزُ؛


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أي: الضربُ الثاني من القياس على الأصل المركب.

<<  <  ج: ص:  >  >>