للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه بيع لحمٍ بحيوانٍ ولا يجوز، أصله بيع اللحمِ بالمدَبر (١)، أو بيع عين غائبةٍ، فلا يصحُّ، أصله المدَبرُ.

وأنثى، فلا يصح منها عقد النكاحِ، كبنتِ خمسَ عشرةَ سنة، وكقولِ أصحاب أبي حنيفة: رهن مشاع، فلا يصح، أصلة نصف الكلب، ومعلومٌ أنَ المدبَر الغائبَ لا يصحُّ بيعة عند الشافعي للجهلِ بصفتِه، وعند أبي حنيفة لكونِه مدبراً مطلقَ التدبير، لا للجهل بصفته، ونصف الكلبِ لا يجوز رهنهُ عند الشافعي، لنجاسةِ عينهِ، وعند أبي حنيفة لإشاعتهِ، فهذا وأمثاله قد اختلفَ أهلَ الجدلِ في صحتِه؛ فقال قوم: إنه فاسدٌ.

والدليل عليه: هو أن الطريقَ إلى العلم بحكم الأصلِ لا يختلف، كتحريم التفاضلِ في البر، وإنما يختلف الطريق إلى العلم بالعلةِ، وفي المركَبِ تختلف الطريق إلى العلمِ بالحكمِ، لا طريق العلمِ بعلتِه.

ولأنَّ الأصلَ إذا اختلفَ القائسون في علتِه، كالأشياءِ الأربعةِ: البر والشعير والتمر والملحِ، قال أبو حنيفةَ: العلةُ فيها الكيلُ المعتاد. وقال الشافعي: العلَّة هو الطعْم. وقال مالك: القوت (٢). فيثبت الشافعى الربا في الفواكهِ غيرِ المكيلةِ والموزونةِ ولا يثبته في الجصِّ والنُورَةِ، وأبو حنيفةَ يثبته في الجصِّ والنورةِ دونَ الفواكِه. فلو تركَ أحدهما قولَه


(١) المدبر: هو العبد يُعلق عتقه على موت سيده. "اللسان": (دبر).
(٢) انظر "المغني" ٦/ ٥٣، و"المجموع" ٩/ ٣٩٥، و"حلية الفقهاء" للقفال: ٤/ ١٤٩، و"البناية في شرح الهداية" للعيني ٦/ ٥٢٥، و"مواهب الجليل" ٤/ ٣٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>