للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إلا أنه يجوز أن يكونَ في خلقه مصلحة لغيره من المكلفين، ليكونوا أقرب إلى الطاعةِ وأبعدَ عن المعصية.

قيل: فلعل في أمره الذي يعلمُ أنه لا يَمتثله مصالحَ لكثيرٍ من المكلفين، ولا انفصالَ لهم عن ذلك.

فصل

يجوزُ أن يردَ الأمرُ من اللهِ تعالى مُعَلّقاً على اختيار المكلّف، أو يتركَ مُفوَّضاً إلى اختيارِه.

وهذا يُبنى على أصْلٍ، وهو أنَّ المندوب مأمورٌ به مع كونِ المكلف مخيَّراً بين فعلِه وتركِه، خلافاً للمعتزلة في قولهم: لا يجوزُذلك (١).

فصل

في الدلائلِ على مذهبنا

فمنها: أنَّ اللهَ تعالى لا يخلو أن يكونَ أمرُه مقصوراً على الأصلح، أو يكونَ بحسْبِ المشيئةِ المطلقة، فإن كان على الأصلح، فلا يمتنعُ أن يكون عالماً في بعضِ الأوامرِ أن مشيئةَ المكلف تُوافق الأصلح، واختيارَه يوافقُ ما يختاره اللهُ لهُ، أو تكونَ مشيئة مطلقةً بلا تخصيص.

ومنها: أنه إذا جاز أن يُخيِّره بين الإتمامِ والقصرِ، والإفطارِ والصومِ، وبين الكِسوة والإطعامِ والعِتقِ، فلِمَ لا جاز أن يُخيِّر بين الفعلِ والترك؟

ومنها: أنه إذا جاز أن يجعلَ بعضَ الأحكام موكولةً إلى اجتهادنا، وهي الأحكامُ التي لم ينص عليها في كتابه ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، جاز أن يَكِلَ بعض الأوامر إلى اختيارنا، إذ لا فَرق بين الاختيار والاجتهاد.


(١) "المعتمد" ١/ ١٦٦، و"العدة"٢/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>