للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشبهةِ.

وتعلقُ الحجةِ بالمذهب كتعلقِ الأصلِ بالفرع؛ من جهة أنه يَنشأُ عنها كما ينشأ الفرعُ عن الَأصلِ، إلا أن تعلقَ الَأصلِ بالفرع أعمُّ من تعلقِ الحجةِ بالمذهبِ، وهما في تَنَشُؤ الثاني عن الأولِ سواءٌ.

فشهادةُ المعجزةِ للنُبوةِ بالنفس، وشهادتُها للاجتهادِ بوسائطَ قد قدمنا ذِكْرَها (١) في الشواهد، وذلك لَأن بصحةِ المعجزةِ تَصِحُ النبوَّةُ، وبصحة النبوَّةِ يصحُ الكتابُ، وبصحةِ الكتاب يصحُ الإِجماعُ، وبصحةِ الِإجماعِ يصحُ الاجتهادُ.

والمعجزُة أيضاً مردودةٌ إلى مقدِّمةٍ قبلها، وهي وجوبُ كونِ الباري على صفةٍ لا يُؤيِّدُ معها كذّاباً بالمعجِزِ، ثم لا تزالُ المقدَماتُ تَتَرقّى مرتبةً بعد مرتبةٍ إلى الأوائلِ في العقل، وإذا عُلِّقَتِ (٢) المرتبةً الأولى من الحجةِ بالمرتبةِ الأخيرةِ التي هي المذهبُ من غير بيانٍ عن الوسائطِ، قَبُحَ ذلك، وأنْكَره علمُ الاستدلالِ، فلا يجوزُ أن يقالَ بوجوبِ صحةِ الاجتهادِ دون أن يتبيَّنَ ذلك من جهةِ الوسائطِ التي بينه وبينه.

فصل

في أنواعَ الحُجةِ

اعلم أن الحجةَ قد تتنوعُ بتنوع المذهب، وليس كلما تنوَّعتِ


(١) انظر ما سلف في الصفحة (٣٤٣).
(٢) في الأصل: "علت"، والأنسب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>