فلم يجز إلا بمثلِه أو أقوى منه، والتخصيص بيانُ ما أريدَ باللفظِ، فجازَ بما دونَه، كصرفِ الأمرِ والنهي عن ظاهرِه وحقيقةِ الكلامِ إلى مجازِه.
وأمَّا قولُه: إنَّ العمومَ أقوى، والتعلق بوجوبِ تراجيحِ الأدلةِ، فإنَ ذلكَ للمقابلةِ والإسقاطِ، فأمَّا الجمعُ الذي سلكناه، فيجوزُ أن يُجمعَ بين الأقوى والأضعفِ، كما يستدلُّ بالآيةِ والخبرِ والقياسِ في المسألةِ الواحدةِ؛ ولأنَّه يَبْطلُ بما ذكرنا من خبرِ الواحدِ مع دليلِ العقلِ في براءةِ الذممِ والبينةِ مع تقدُمِ شهادةِ المعصومِ بالملكِ.
فصل
في الكلامِ على من أجازه في المخصوص، ومنعَ من التخصيصِ به لما لم يدخله التخصيصُ.
وفيما قدَّمناه من الدلائلِ ما يكونُ دلالةً على مَنْ فَرَّقَ بينَ المخصوصِ وغيرِه، ولأنَّ العمومَ الذي لم يُخصَّ متعرّضٌ للتخصيصِ، وخصوصُ الخبرِ صريحٌ في تناولِ الحكمِ، والعمومُ الذي خُصَّ والذي لم يُخَصَّ تساويا في تناولهما الحكمَ بالظاهرِ من اللفظِ، والخصوصُ يتناولُ الحكمَ بصريحهِ.
وأيضاً: فإنَ العمومَ الذي لم يُخَصَّ، كالظاهرِ من الأوامرِ والنواهي التي لم تُصرف عن ظاهرِها، ولم يدل الدليلُ على صرفِها، ثم إنَه إذا وردَ دليل يصرفها صرفناها به مع كونها لم تُصرح (١) بصرفٍ، كذلكَ العمومُ، والجمعُ بينهما واضحٌ، وهو أنَ كل واحد منهما ظاهرٌ.
وأيضاً فإن التخصيصَ لم يخرج عمومَ القراَنِ عن رتبته في أنَه ثابتٌ بدليلِ مقطوعٍ وهو النقلُ المتواترُ، ورتبته في كونِه قراَناً، وفي كونه مقدَماً على السنَة، فإذا جازَ دخول التخصيصِ عليه بخبرِ الواحدِ مع هذه الرتبةِ، جازَ دخولُ التخصيصِ عليه بخَبرِ