للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولُ الشافعيُّ: الدلالةُ على أنها وُضِعَت لذلك تَسْمِيَتُها بكفارة، وقولُه صلى الله عليه وسلم في عِتْقِ الرقبةِ في عمْدِ الخطأ: "أعتقوا عنه رَقَبَةً، يَعْتِقِ الله بكل عُضْوٍ منها عضْواً منه من النارِ" (١) وإذا لُحِظَ وَضعها وأنها مُتَتَبعٌ بإيجابِها مواضعَ الجرائم والهُتوكِ، فلا تتعدّى قَتْلًا، أو هَتْكَ صيام أو إحرام، أو قَتْلَ صَيْدٍ، أو ارتكابَ محظورٍ في الحج، أو هَتْكَ حُرْمةِ اسمٍ أقسِمَ به، عُلِمَ بذلك أنها وُضعت مُكَفِّرة للذنوب، وشذَّ قَتْلُ الخطأ من بين هذه الجرائمِ فوجَبَتْ فيه، لأنه صورةُ جريمةٍ، لأنه قَتلُ نَفْسٍ بغَيْرِ حقٍّ، وغالبُ الحالِ فيه: أنه لا يخلو من تَفْريطٍ في الاحتياطِ والتأمُّلِ، وإن لم يكن، فهو نادر من الجِنْسِ، فألْحِقَ بالغالبِ كما أُلحِقَ المتودع (٢) في سَفَرهِ في استباحةِ الرخص بالغالب من المسافرين في أرباب المشاقِّ، وكالآيسةِ في العِدةِ والطِّفلَةِ ألحقاَ بمَنْ يُتَصَوَرُ في حقَهن شَغْلُ الرحِمِ بإيجابِ العِدَّةِ والاستبراءِ.

فصل

في الاعتراض الثاني

أن يقولَ بموجب التأكيدِ، مِثْلَ أن يقولَ: لما كان القَتْلُ العَمْدُ آكدَ، غُلِّظَ فيه بإيجابِ القَوَدِ.

فيقول الشافعي: القَوَدُ لحَق الآدميَ، ولذلك يسقطُ بعَفْوِهِ، ويؤخَذُ فيه المالُ بصُلْحِهِ، وينحط عن رُتبةِ العقوبةِ بذلك إلى رُتبةِ المُعاوضةِ وأحكامِ الأموالِ، وذلك لا يقضي حق الله سبحانه من القَتْلِ، كما


(١) أخرجه أحمد ٣/ ٤٩٠، ٤٩١، وأبو داود (٣٩٦٤) من حديث واثلة بن الأسقع.
(٢) أي: المسافر في دَعَةٍ دون مشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>