عنه أَنَّهُ لم يعتدَّ بخلافِ زيدِ بنِ ثابت في توريثِ ذوي الأرحامِ، وحكمِهِ بردِّ الأموالِ التي كانت حصلتْ في بيتِ المال آَيامَ المعتضدِ وجعلِ ذوي الأرحامِ أَوْلَى من بيتِ المالِ، فقبلَ ذلكَ منه المعتضدُ، وأمر بردِّها على ذوي الأرحامِ.
فصلٌ
في الدّلالةِ على الرّوايةِ الأُولي
فمنها: ما رويَ عَن النَبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:" أصحابي كالنُّجوم، بأيِّهم اقتديتُمُ اهتديتُم"(١)، وذلك يعمُّ الخلفاءَ وغيرَهم مِمَّنْ يقعُ عليهِ اسمُ الصَّحابيِّ.
ومنها: أَنَّ غيرَ الخلفاءِ ساوى الخلفاءَ في الاجتهادِ الذي لا يزادُ بالولايةِ، بلْ قدْ يُفضَّلُ بالاجتهادِ غيرُ الوالي على الوالي، لأسيَّما إذا لم يُعتَبرْ أَن يكونَ الإمام الأفضلَ واخترْنا ولايةَ المفضولِ، على أَنَّهُم لوكانوا أفضلَ فإنَّ المجتهدَ عندَنا لا يجوزُ لَهُ تقليدُ الأَعلمِ، سواءٌ كانَ الوقتُ ضيِّقاً أو واسعاً، وقدْ دلَّلْنا على ذلكَ الأصلِ.
ومنْها: أَنَّ الإمامة رتبةٌ فلا يقدَّمُ بها ولأجلِها القولُ في بابِ الاجتهادِ، كالقربى والإمامةِ في السَّرِيَّة والرِّمالةِ والقضاءِ، وبيانُ ذلكَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لوْ أَمَّرَ أميراً على سَرِيَّةٍ، أو أرسلَهُ في رسالةٍ، أوْ ولأَهُ القضاءَ، لم يوجب ذلكَ تقديمَهُ في الاجتهادِ بعد موتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بلْ هوَ وغيرُهُ