للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصِل

في أَدِلّتنا

فمنها مِن جهةِ السُّنَنِ: ما رواه أَبو هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "إِذا اجْتَهَدَ الحاكمُ فأَصابَ، فله أَجْرانِ، وإِنِ اجتهدَ فأخطأَ، فله أَجْر" (١)، وهذا نصّ في أن المُجتهدِينَ يخطئونَ (٢).

وكذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم - لعمرِو بن العاصِ: "احكم، فإِن أَصَبْتَ، فلك أَجْرانِ، وإنْ أَخْطَاتَ، فلك أَجْر" (٣)، ولو كان الكلُّ على إِصابة، لم يَكُنْ لذِكْرِ الخَطأِ وجه.

فإِن قيل: هذا الخبرُ بأَن يعطيَ أَنَّ كُلَّ مُجتهدٍ مصيب، أَوْلى مِن أَن يُعطِيَ أَنَّ الحقَّ في جهةٍ؛ لأَنَّ الخطأَ لا يَحْسنُ ان يُقابَلَ إلا بالعُذْرِ، والعَفْوِ عن المؤاخذةِ، فأَمَّا الأَجر فلا، فلمَّا قابلَه بالأَجْر، علِمَ أَنهُ لإِصابةِ الحقّ، أَلا ترى إِلى قولِه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: ٥]، وقولِ النبيِّ عليه الصلاة والسَّلام: "عفِيَ لأمَّتي عنِ اَلخطأِ والنِّسيانِ" (٤).

وأَمّا تسميته مُخطِئاً مَعَ حَمْلِنا له على الاِصابةِ، فليس براجع إلى خطأ في الاجتهادِ، وإِصابةِ الحُكْمِ بدليلِه، لكن عادَ إِلى أَن يُصيِبَ حُكمَ اللهِ،


(١) تقدم تخريجه ١/ ٢٩٥.
(٢) في الأصل: "يخطئا".
(٣) تقدم تخريجه ١/ ٢٩٤.
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>