ولأ نَماء. وعلى هذا أبداً، فلا تَغترَّ بقولِ مُهول يقول لك: العدمُ ليس بشيء وكيف يدل ما ليس بشيء على حكمٍ أوحال. فإن هذا وأشباهَه كلام خِلو من معنى يمس ما ذكرناه.
فصل
وإذا كان القياس استثناء، فقد اختلفَ العلماءُ في صحته.
فقال قوم: يجوز الاستدلال به. وقال قوم: لا يجوزُ، وذلك مثلُ قولِ أصحاب الشافعي في السباعِ: حَيوان ليس بكلبٍ ولا خنزير فكان طاهراً، أَصلهُ الشاةُ. فجعلَ الحيوانَ علَّةُ، واستثنى منه الكلبَ والخنزيرَ.
وهذا عندي يُبنى على أصلٍ وهو: القولُ بتخصيص العلَّةِ، فمن قال بجوازِ التخصيصِ ساغ الاستثناءُ عنده في هذهِ العللِ، والكلامُ فيها فرغ على ذلك الأصلِ (١)، فنُشير ها هنا إلى ما يليقُ بالفصلِ، وهو: أن الحيوانية لو كانت علَّةُ لساغتْ في سائرِ الأحياءِ، ولا يُعرف كونُ العلَّة علةً إلا بجريانها وسلامتها، ولأنَّ من اعتمدَ على التخصيصِ أغناه ذلك عن وصف هو سلب واستنثاء.
فإن قيل: لو كان السلبُ والاستثناءُ يُفيد التخصيصَ أو يعطي ما ذكرتم، لكانت العلةُ ذاتَ الوصفين مخصوصةً؛ فإذا قالَ الشافعي: مطعومُ جنسٍ، خصَ تحريمَ التفاضلِ في الجنسيةِ، ألا تراه لو قال: مطعوم، وأمسك عن الجِنس لساغ في كلُّ مطعوم بيع بمطعوم.