فمنها: أنَّ جماعةً لو رَوَوْا أَحاديثَ في حكمٍ منَ الأحكامِ، واتَّفقُوا على نَقْلِها، وانفردَ واحد بروايةِ حديثٍ يَتَضَمَّنُ حكماً زائداً على الأحكامِ التي اجتمعوا على نقلِها، عملنا بالخبر الذي رواه الواحد، كذلك الزيادة في الخبر الذي أجمعوا على نقله دونَ الزيادةِ، إنَّ الذي أوْجبَ الثقةَ بِهِ في الخبرِ الذي انفردَ بروايتهِ، هُوَ المعْنَى الذي أَوْجَبَ العملَ بقولِهِ في هذه الزيادةِ: وهي عدالتُهُ وحفظُهُ للحديثِ.
ومنها: أَن الشَّهادةَ نوعُ خبرٍ، وهي آكدُ منْ حيثُ اعتبارُ العدد فيها، والعدالةِ الباطنةِ في بعضِها، والذكورةِ والحريةِ، ثُمَّ إنَّ ألفَ عدْلٍ لو شَهِدُوا بأنَّ لَهُ عليه ألفاً، وشهدَ شاهدانِ بألفينِ، حُكِمَ بالزيادةِ، كذلكَ [في الخبرِ مثلُه](١).
ومنها: أَنَّ السَّامع للزِّيادةِ يجوزُ أنْ ينْساها بعدَ أَنْ حَفِظَها، أو يَذهَلَ عن حفظ الزيادة فلم تَنضَبِطْ لَهُ، فأَمَّا أَنْ يَتَخَيَّلَ لَه زيادةً ويرويَها، هذا ممَّا لا يُظنُّ بالعدلِ الثقةِ، بلْ ما شَكَّ فيهِ يسكُتُ عنهُ، فلمَّا أقدمَ على روايَتها دلَّ على أَنَّهُ ضبطَها وتَحَقَّقَها.
ومنها: أَنَّ الصَّحابةَ -رضوانُ اللهِ عليهم- لم ينكِرُوا الشُّذوذَ المرويةَ في القراءاتِ، فنُقِلَ ما انفردَ بهِ ابنُ مسعودٍ وأُبيٌّ، مَعَ كونِ القرآنِ احمَدَ من السُّننِ.