للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والمعارضةُ فلا تخلو أن تكونَ مطلقةً أو مقيَّدةً.

فالمطلقةُ منها: هي التي يُسَوِّي (١) العقلُ فيها بين الشيئين من غيرِ شَرْطٍ يوجبُ استواءَ الحكمِ فيها (٢)؛ لأن العقلَ يقتضي استواءَهما وُيويس من فرقٍ [بينهما] (٣).

فأمَّا المقيَّدةُ منها: فهي التي يُسوِّي العقلُ فيها بين الشيئينِ إن استوت عِلَلُهما أو دَلائلُهما؛ لأن العقلَ يقتضي استواءَهما وَيطمَعُ في فرقٍ بينهما.

مثالُ الاوَّلِ: بَيْنَ أن الأجسامَ قديمةٌ، وبَيْنَ أنها قد خَلَتْ من الحوإدثِ، وذلك أنها إن كانت قديمةً، فقد خَلَتْ من الحوادثِ لا مَحالةَ، فالعقلُ يَقضي بأنه إن صحَّ الأولُ صحَّ الثاني، وُيجمَعُ بينهما في ذلك ولا يُفرَّقُ، وكذلك إن لم تَكُنْ قد خَلَتْ من الحوادثِ فليست قديمةً، فيُجمَعُ أيضاً بين صحةِ هذين ولا يُفرق، وهو أنه إن صحَّ أنها لم تَخْلُ من الحوادثِ، صحَّ أنها ليست بقديمةٍ، فإذا قامتِ الدَّلالةُ بأنها لم تخلُ من الحوادثِ، صحَّ أنها ليست بقديمةٍ، ثم لا تُبالي وُجِدَت تلك الدلالةُ بعينها في السؤالِ الآخرِ أو لم تُوجَدْ؛ لأن العاقلَ قد قضى قضيَّةً مطلقةً: أنه إن صحَّ أحدُهما صحَّ الآخَرُ.


(١) كتبت في الإصل: "يستوي".
(٢) بعدها في الأصل: "إن استوت عللهما أو دلائلهما"، وهذا من شرط المعارضة المقيدة كما سيأتي.
(٣) ليست في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>