للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع، يحملُ على أدنى مراتبِ الجمع -على خلاف الناس في قدره: إما اثنان، أو ثلاثة-، لأنَّه اليقين.

ومن ذلك: أنَّ المندوباتِ من أفعالِه - صلى الله عليه وسلم - كانت الأكثرَ والأظهرَ من الواجبات، فحُمِلَ فعلُه الذي لا دالَّةَ على وجوبهِ، على عمومِ أفعالهِ وأكثرِها وقوعاً منه، وهو الندبُ.

فصلٌ

في جمعِ الأجوبةِ

أما الآية: فإنَّها دليلٌ لنا، لأنَّها استدعاءٌ منا الاتِّباعَ بلفظٍ مطلق، وقرينةُ الاستحسانِ لا تَحُطُّها عن الإيجاب، لأنَّ كلَّ واجب حسن (١)، ولأنَّه قَرَنها بقوله: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١]، كما قالَ سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: ١١٠] ونصَّ على مراده بهذه الآية بقولهِ في الآية الأخرى: {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: ١٥٨].

وأمَّا قولُهم: المُتيقَّنُ أدنى مراتبِ الأمر والقُرْبةِ -وهو النّدبُ-، فيقابله: أنَّ الاحتياط القولُ بالإيجابِ الذي يدخلُ في طيِّه الندبُ، والمخاطرةُ حملُه على الأَدْنى، فيفوتُ الإيجابُ، ومَن حمَلَه على النَّدب، جوَّز التركَ لاتِّباعِه في التعبد، وفي ذلكَ خطر وتغريرٌ، ولأنَّ الحملَ له على أعلى مراتب التعبُّد حراسةٌ للتأسي المأمورِ به، وفي التخيير إسقاطٌ للتأسي، ولهذا في باب القول، لم يُحمل على أقلِّ


(١) في الأصل: "حسناً".

<<  <  ج: ص:  >  >>