القلوب، وعوارض النفوس، وهواجس الصدور، فبان ترجيح القولِ على الفعل، فلكلِّ صورة من الأعمال الظاهرة والباطنة جميعاً صيغة، وليس لكل صورةٍ في النفوس والقلوب صورةٌ.
وأمَّا شبهةُ من سوَّى بينهما، فإنَّه لحظَ بعض الأفعالِ أنَّ لها صوراً يمكنُ إخراجُها إلى الوجودِ أشكالاً، فيدركُها الحِس بإدراك أمثالها التي يُقصدُ بها البيانُ، وبعضُها تقْصُرُ الإنسانُ عن إخراجِ شَكلِ لها أو مِثلٍ، إذ لا مِثلَ لها من خَارجٍ، وهي عوارضُ النفوس، وأعمالُ القلوب، فجَعَلَهُما سواءً.
وقد تضمّن ما لحظناه الجوابَ عما وقع لهذه الطائفة، وأن الغامض والظاهِرَ، وماله شكل وما لا شكلَ له، يمكن التعبيرُ عنه بالقولِ الوجيزِ، والحدودِ الخاصَّةِ الكاشفةِ عن حقيقةِ الشيء، وأمَّا الفعلُ؛ فلا يمكنُ البيانُ به (١) إلا فيما يظهرُ منها، فبانَ الترجيحُ للأقوالِ على الأفعالِ.
فصلٌ
يجوزُ تعبدُ النبي الثاني بما كان تَعبَّدَ به النبي الأول، ولا يمنع العقلُ ذلكَ على قولِ من جعلَ للعقلِ قضيةَ المَنع والإباحة، وهو أبو الحسنِ التميمي من أصحابنا، ولا في الشرع ما يمنعُ من ذلك، بل فيه ما يدلُّ على جوازِه، خلافاً لِمنْ مَنَعَ من ذلك من الأصوليين.