ويقالُ لهُ أيضاً: لِمَ أنكرتَ القصدَ إلى ذلك؟ فإن قالَ: يتعذرُ القصدُ باللفظةِ الواحدةِ إلى معنيين مختلفين، قيل: فقد دَللنا على جوازِه، فانتفاءُ التعذُّرِ ينفي الاستحالةَ.
وإن قال: لأنه لما لم يجُزْ أن يُرادَ بالقولِ "افْعل" الإباحةُ والحظرُ والزجرُ والإيجابُ والندبُ، كذلك هاهنا.
قيلَ له: إنما استحالَ ذلك لأجلِ تضادِّ كلِّ أمرين من هذا القبيل، وعَلِمْنا باستحالةِ القصد إليهما.
فصل
في جميع ما تعلقَ به المُخالفُ
فمن ذلك أنْ قالَ: لو جازَ أنْ يُرادَ باللفظةِ الواحدةِ معنيان مختلفان، لجازَ أن يُريدَ بقوله:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، المشركين والمؤمنين، وبقولهِ:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[البقرة: ٢١] الناسَ والبهائمَ، قال: ولأنَّه لو جازَ ذلك، لجازَ أن يُرادَ بالكلمةِ الواحدِة التي لها حقيقة ولها مجازٌ، حقيقتُها ومجازُها، ولما لم يَجُزْ ذلك، كذلك فيما ذكرتُم من الألفاظِ.
قالَ: ونحنُ نسألكُم عن حقيقةِ هذهِ الدعوى وتفصيلها، فنقولُ: هل يَجِبُ حملُ الكلمةِ الواحدةِ التي يصح أن يُرادَ بها معنى واحد، ويَصِحُّ أن يُرادَ بها معنيانِ على أحدِهما، أو عليهما بظاهِرها وإطلاقِها أم بدليلٍ يقترنُ بها؟
قالَ: وهل يريدُ المتكلمُ بالكلمةِ الواحدةِ، المعنيين إذا أرادهما