للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣)} (١) [النحل: ١٢٣]

فصل

وقد اختلفَ الناسُ: هل كان مُتَعَبداً بشيءٍ قَبْلَ بَعْثتِهِ؟

فقال قَوْم: كان مُتَعبداً بمِلةِ إبراهيمَ وما وصلَهُ منها وعرَفَهُ، حيثُ كان يتحنثُ في غارِ حِراءٍ، يعني: يَتعبدُ.

ومنهم مَنْ قال: لم يَكْنُ مُتَعبداً بشرعِ غَيْرِه مِنَ الأنبياءِ.

وقال قوم: كان يَعرِفُ بدليلِ العَقْلِ إثباتَ الصانعِ والوَحْدانيةَ، ويَسْتَقِبحُ عِبادةَ الوَثَنِ، كما عَرَفَ ذلك إبراهيمُ قبلَ النبوةِ بما ذكرهُ الله عنه في كتابه في استقراءِ الكواكِب، ولمَّا رَأى زيدَ بنَ عمرِو بنِ نُفَيلٍ يَمتِنعُ مِمّا يُذبَحُ للوثنِ، امْتَنعَ هو (٢).

وسنُوضحُ هذا إنْ شاءَ الله في مسائل الخلافِ على الاستيفاءِ.


(١) أغفل المصنف ذكر المذهب الثاني، وهو أن شَرْعَ مَن قبلنا ليس شرعاً لنا، ولم نُتَعَبد به، بل نُهينا عنه.
وفي المسألة مذهب ثالث، وهو الوقف. انظر "نهاية السول" ٣/ ٤٩، و"البحر المحيط"٦/ ٤١ و ٤٤.
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" برقم (١٦٤٨) طبع مؤسسة الرسالة، من حديث سعيد بن زيد بن عمرو، وفي اسناده ضعف.
وأخرجه أحمد في "المسند" برقم (٥٣٦٩) و (٥٦٣١) و (٦١١٠)، والبخاري (٣٨٢٦) و (٥٤٩٩) من حديث عبد الله بن عمر، لكن ليس فيه قضية امتناعه - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عن أكل شيء مما ذبح على النصب، وانظر تمام تخريجه في التعليق على "المسند".

<<  <  ج: ص:  >  >>