ومن هذا القبيلِ أيضاً: القوْلُ بأنَّ شرعَ من قَبْلَنا شَرْعٌ لنا ما لم يَثبت نَسْخُهُ، وذلك استصحابٌ لحكْمِ الشرائعِ الأولِ، ومجيءُ النسْخِ، كقيام دلالةِ الصرْفِ عن التمسُّكِ بالأصلِ.
والثاني: ما أمِرْنا بفعلهِ: فهو شَرْع لنا بالخطاب الذي جاءَنا به قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إِلى قولِهِ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥].
والثالثُ: ما لم نؤمَرْ به، ولم نُنْهَ عنهُ، ففيه مَذْهبان، ولأصحابِ الشافعيُّ وجْهانِ:
أحدُهما: انَه شرْع لنا ما لم نُنْهَ عنة، لأن الشَريعةَ الأولى شريعة لله سبحانه ثابتة، لا يجوزُ تَرْكها إِلا بصريح نَسخٍ، وبعْثَة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ليس بصريحِ نَسْخ؛ لإِمكانِ الجَمْعِ بين شريعتِهِ وشريعةِ من قبله، فكيفَ وقد وَرَدَ أمْرُ الله سبحانه لنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - باقتدائِه بهم، فقال سبحانه:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠]، وقال
(١) يريد المصنف ما كان عليه بنو إسرائيل من تعظيم يوم السبت والقيام بأمره، وما ابتلاهم الله عز وجل به من الاحتباس عن العمل والصيد فيه.