للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في بيان ما يَحتاج إليه النظرُ الذي هو طريقُ العلمِ بالمنظورِ فيه.

فأولُ ما يقال في هذا: إن النظر لا يكونُ طريقاً للعلم حتى يكونَ صحيحاً، ولا يكونُ صحيحاً حتى يكون واقعاً على وَجهين يحتاج إليهما، أحدهما يرجع إلى النَّظر نفسِهِ، والآخر يَرجع إلى صِفةِ فاعِلهِ.

فالوجه الذي يَرجع إليه؛ هو أن يكون نظراً في دليلٍ ليس بشُبهة (١)، وأن يكونَ نظراً في حكم غيرِ مَعلومٍ للناظرِ بضرورةٍ أو دَليلٍ؛ لأن ما حَصل مَعلوماً من أحد الوَجهين لم يَصحَّ طلبُ العلمِ به.

وَيسوغ أن ينظر في طَريق الأدلة عليه، وهل هي أدلة أم لا. ولكن ليسَ ذلك من طلبِ العلمِ بالمدلولِ عليه في شَيء.

وأما ما يَرجع إلى الفاعل للنظر، فأمران:

أحدهما: أن يَكون كاملَ العَقلِ (٢)، وقَد سبق مِنا ذكر العقل وما هو (٣)، وليس من كماله أن يكونَ موجباً وحاظِراً، ومُحَسناً ومُقبحاً كما يقول من خَالفَنا، وإن كانَ لأصحابنا فيه خلاف.

والأمر الآخر: أن يكونَ عالماً بحصول الدليل، وبالوجه الذي


(١) "شرح اللمع" ١/ ٩٤ - ٩٥.
(٢) في "شرح اللمع" ١/ ٩٤: "أن يكون الناظر كامل الأدلة".
(٣) انظر الصفحة (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>