للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجزهم دليلًا على عجزِ جماعتهم.

وأما قولهم: إِنه لم يَدَّعِ أنه كلام، ولكن ادّعى أنَّه كلام الله سبحانه، وأنهُ إذا تعددَت منه اللغات، كان أدل على أنه كلامُ الله الذى يُحيْطُ خَبراً بجميعِ اللغَاتِ، وهو المنشىءُ لجميعِها. فلا يلْزَمُ، لأنهُ لو كانَ القصدُ ذلك، لم يقتصرْ على الكلمةِ بعدَ الكلمةِ، وإِنما كان يُطِيْل الكلامَ مِن كلِّ نوعٍ على وجهٍ يكونُ إعجازاً لأهلِ تلك اللُّغَةِ.

فصل

في الأسماءِ المسمَّى بها الأحكامُ والعباداتُ هل فيها شيءٌ منقولٌ من اللغَةِ؟

وذلك مثلُ: وُضوء وصلاةٍ وحجٍ ونكاحٍ.

وقد اختلفَ فيها أهل العِلمِ من الفقهاءِ والأصولينَ: فذهبتْ طائفةٌ إلى أنها لم تنْقَلْ عَمَّا وُضِعتْ عليه مِن اللّغةِ وهم الأشاعرةُ (١)، وهو يَحْكي بعضَ أصولِنا في قولنا: بأن الزنا ينشرُ تحريمَ المُصاهرةِ، ومُستَندُنا قولُه تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] وأخذَ صاحبُنا بها دُوْنَ حَمْلِها على العقْدِ (٢).

وقولُه: إنً اللمس راجعٌ إلى اللَّمْسِ باليدِ، وهو أحدُ الوَجْهيَنْ لأصحابِ الشَافِعي.


(١) وهو ما نُقِلَ عن القاضي أبي بكرٍ الباقلاّني انظر "العدة" ١/ ١٨٩.
(٢) أي حملَها على الوطءِ دونَ العقد، وعلى ذلك يكون الزّنى موجباً تحريمَ المصاهرةِ، لتحقّقِ الوطء فيه انظر "المغني" ٩/ ٣٣٩ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>